ثمة قول مأثور كان يردده الرئيس الراحل سليمان فرنحية، هو أن “النهر الذي في أوله لا يجرُ أخشاباً في آخره لا يجرُ أعشاب”.
هذا القول ينطبق “حفرا وتنزيلا” على النائب جبران باسيل الذي أمضى أكثر من عشر سنوات متنقلا بين الوزارات وعلى رأسها وزارة الطاقة، ثم تسلم مقاليد السلطة بأكملها كرئيس ظل أو فعلي للجمهورية في عهد عمه الرئيس ميشال عون، من دون أن يبادر الى طرفة عين تجاه طرابلس التي عطل الكثير من مشاريعها ولم يوفر حدثا أو أزمة أو توترا إلا وإستهدف أهلها وسمعتها وصورتها، بفعل طائفيته وأنانيته وحقده على العاصمة الثانية وموقفها السياسي، وهو اليوم يأتي بعد خروجه من السلطة وإنتهاء نفوذه وتراجع شعبيته، وعزلته السياسية ليبيع المدينة وأهلها من “كيسهم الانمائي”، ويوهمهم بأنه يريد إعداد الدراسات وإطلاق المشاريع والأعمال، في حين، أن “فاقد الشيء لا يعطيه”.
بالأمس، حاول باسيل حفظ ماء وجهه السياسي بعدما إضطر الى تأجيل زيارته الى مدينة طرابلس التي عاشت أمس يوما هادئا خاليا من المواكب والإجراءات للجيش والقوى الأمنية التي لديها الكثير من المهام التي يمكن أن تقوم بها خدمة للناس والوطن أهم بكثير من مرافقة باسيل وتأمين الحماية له في مدينة لا تريد منه شيئا، كونه قام على مدار عمره السياسي بكل شيء يمكن أن يسيء اليها أو أن يضرب مصالحها.
لذلك، خرج باسيل أمس في فيديو قصير وكعادته ليرمي أسباب فشله في إنجاز زيارته الى طرابلس على الآخرين كما يفعل في كل شؤون حياته السياسية، وليمارس الدجل السياسي على أبناء المدينة الذين ما تزال عقولهم وذاكرتهم حاضرة بكل ما يختص بالمرحلة الماضية، حيث صدّق باسيل نفسه حين قال بأنه أعدّ لطرابلس سبعة مشاريع إستراتيجية للطاقة لكنها توقفت بسبب النكاية السياسية، عندما كان هناك حكومة رئيسها و5 وزراء فيها من طرابلس، في حين أن القاصي والداني يدرك أن باسيل هو من حرم المدينة من الطاقة الكهربائية عندما أمر مستشاريه الذين خلع عليهم لقب “وزير” بأن يقفلوا الأدراج على مشروع “نور الفيحاء” الذي كان بوسعه أن يزوّد طرابلس بتغذية كاملة على مدار ساعات النهار، وصدّقت عليه كهرباء قاديشا وشركة كهرباء لبنان، لكنه دخل الأسر البرتقالي، الذي قام رئيس الجمهورية ميشال عون حينها بتأمين الحماية له، والرد على كل من يراجعه بشأنه بأن “راجعوا جبران”.
اللافت، أن باسيل ناقض نفسه بنفسه، ففي الوقت الذي عزا فيه سبب عدم إتمام الزيارة الى إضطرار المفتي محمد إمام الى تأجيل موعده لوقت لاحق، إتهم من أسماه “إبن طرابلس” بالتحريض على تخريب الزيارة، علما أنه حاول الاتصال بكثير من مسؤولي طرابلس وإبنائها ليطلب مواعيد للزيارة لكنه لم يحصل على مراده، كونه لا يريد أن يستوعب بأن ليس له في طرابلس خبزا سياسيا، ولا يمكن أن تكون طرابلس بدلا عن ضائع خسره بفعل غطرسته ونكده السياسيين.
لم يسبق لأبناء طرابلس أن قاموا بتخريب زيارة أحد، فالمدينة كانت وما تزال وستبقى منفتحه على الجميع وتفتح ذراعيها لكل زائر، وهو أمر ليس مستجدا عليها بل هو راسخ في عقيدة المدينة التي بالرغم من كل الظروف الصعبة التي مرت عليها والأحداث التي شهدتها لم يتعرض أي مكون فيها أو زائر لأي أذى، لكن التخريب الذي تحدث عنه باسيل يأتي منه شخصيا كونه يصر في كل مرة على أن يزور طرابلس بقوة الأمن والعسكر، ولعل الزيارات الماضية خير دليل على أن المدينة لا تحب حاملي النعرات الطائفية ولا تهضم المواقف الاستفزازية والفتنوية، لذلك وجد باسيل نفسه عاجزا عن إتمام زيارته فلجأ الى تأجيلها تحت غطاء من الاتهامات والبروباغندا المخادعة!..