من مجلس النواب الى خماسية اليرزة.. من يعالج المرض الرئاسي المخفي؟!.. غسان ريفي

في مجلس النواب إستمرار للخطابات العالية السقف التي تتحدث عن كل شيء إلا في تفاصيل الموازنة، وتركز على تصفية الحسابات السياسية وتسجيل النقاط وتوجيه الرسائل بحسب الأجندات والتوجهات والتوجيهات.

في دارة السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة، إجتماع لسفراء دول اللجنة الخماسية للبحث في الاستحقاق الرئاسي اللبناني وفي كيفية لجم التصعيد العسكري في الجنوب وعدم إستدراج لبنان الى الحرب مع العدو الاسرائيلي.

في مجلس النواب، نواب يطالبون بإنتخاب رئيس للجمهورية وآخرون يشددون على ضرورة تسهيل هذا الاستحقاق ويطلقون الاتهامات في كل حدب وصوب، وقد تناسى هؤلاء أنهم هم من ينتخب الرئيس وأن القرار بأيديهم، وبالتالي فإن مطالبتهم بالانتخابات تعتبر ضربا من ضروب الانفصام السياسي، خصوصا أن تكتلات نيابية تمتنع عن طرح إسم أي مرشح، وترفض الذهاب الى مرشح توافقي، وتعارض إنتخاب المرشح المطروح من قبل كتل نيابية أخرى.

في اليرزة، تهيئة الأجواء لإجتماع اللجنة الخماسية على المستوى الوزاري في الرياض في منتصف شباط المقبل لوضع معايير ومواصفات الرئيس العتيد، وذلك لاسقاطها على مجلس النواب الذي عقد 12 جلسة منذ بداية الشغور الرئاسي، تارة تحت شعار المواصفات، وتارة أخرى تحت عنوان التقاطع، وطورا بتقديم مرشح تحدٍ لاستطلاع القدرات الانتخابية للمعارضة، فضلا عن المحاولات المستمرة لقطع الطريق على رئيس تيار المرده سليمان فرنجية.

في مجلس النواب رفض لمبادرة الحوار التي أطلقها الرئيس نبيه بري معطوفة على الجلسات المفتوحة لإنتخاب الرئيس.

وفي اليرزة إلتفاف على الحوار، وطرحه بصيغة تشاور أو نقاش بين الكتل النيابية لإدارة الخلاف والوصول الى قواسم مشتركة مع التأكيد على الدعوة الى الجلسات المفتوحة وصولا الى تصاعد الدخان الأبيض من ساحة النجمة.

في مجلس النواب إنقسامات وخلافات وصراع مسيحي ـ مسيحي على الرئاسة يحول دون إتمام الاستحقاق، فيما التوازنات القائمة تمنع أي فريق سياسي بمفرده من إيصال المرشح الذي يريده الى قصر بعبدا.

وفي اليرزة توافق على وضع الخلافات جانبا، والعمل برؤية واحدة وتوزيع المهام بين الفرنسي الذي سيعلن المواصفات في مؤتمر صحافي، الى القطري الذي سيتولى مهمة إستطلاع آراء الكتل النيابية حولها، الى السعودي الذي سيتولى مهمة الاقناع بما يملك من “مونة” على كثير من النواب، إضافة الى الدور المساند أميركيا ومصريا.

بالرغم من الحراك الناشط لسفراء الخماسية تحضيرا للاجتماع المرتقب في الرياض، إلا أن الهوة ما تزال سحيقة بينهم وبين الكتل النيابية التي لكل منها أجندة وتوجهات رئاسية مختلفة، وإذا كانت مبادرة الخماسية الجديدة تقتصر فقط على المواصفات والمعايير فإن “من جرب المجرب كان عقله مخربا”، خصوصا أن تلك المواصفات قد تكون في بعض الأحيان أفلاطونية وتخضع لاستنسابية وإنتقائية، وكل فريق سياسي ينسبها لمرشحه، فيما يسارع بعض الطامحين الى تبنيها والتبشير بها، ما يؤكد أن النتيجة ستكون “دق الميّ الميّ”.

لا شك في أن ما تقوم به الخماسية قد رمى حجرا في المياه الرئاسية الراكدة، كما كان يحصل في كل مرة لكن من دون تسجيل أي خرق إيجابي، خصوصا أن الخماسية تسعى الى تلقف مواقف النواب وتقديم المعايير إليهم من دون أسماء، في حين يفترض بالنواب أن يتلقفوا مبادرة الخماسية وأن يطرحوا أسماء المرشحين ويذهبوا بمسؤولية وطنية لاختيار رئيس منهم، لكن طالما حمى الرئاسة ما تزال مرضا مخفيا لدى كثير من الطامحين الذين يقودون تكتلاتهم النيابية الى التعطيل بإنتظار تبدل المناخات الاقليمية التي تسمح بوصولهم الى قصر بعبدا، فإن مهمة اللجنة الخماسية ستراوح مكانها الى “أن يقضيَ الله أمرا كان مفعولا”..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal