تراجعت الحركة السياسية المحلية بشكل كبير وبات التركيز منصبا على ترقب التطورات الحاصلة في الجنوب وغزة والعدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان.
وترددت أصداء الواقع الميداني المحتدم في الجنوب على اللقاءات التي يجريها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هامش مشاركته في أعمال “المنتدى الاقتصادي العالمي” في دافوس في سويسرا، كما على المواقف الإعلامية التي يتخذها.
واجتمع ميقاتي امس في دافوس مع رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وتم البحث في الاوضاع الراهنة في الاراضي الفلسطينية والمنطقة وانعكاسها على لبنان. كما تطرق البحث الى عمل اللجنة الخماسية العربية والدولية للمساعدة في دفع عملية انتخاب رئيس جديد للبنان قدما الى الأمام .
وكتبت” النهار”: ثمة معطيات لدى جهات ديبلوماسية مطلعة على الاتصالات التي تتلقاها الجهات اللبنانية المعنية تثير الخشية الشديدة لجهة التنبيه ولفت الأنظار الى ان اتساع المواجهات على مستوى المنطقة بعد تطوري انطلاق الضربات الأميركية والبريطانية للحوثيين في اليمن، وقصف الحرس الثوري الإيراني لاربيل في العراق، من شأنهما أيضا ان يضعا الوضع الميداني على الجبهة الجنوبية في لبنان على صفيح حار للغاية اكثر مما سبق طوال المئة ويومين من عمر “جبهة المشاغلة”. ذلك ان هذه الجهات تحذر من ان الجبهة التي ربطت ربطا محكما بتطورات حرب غزة باتت الان امام تعقيد إضافي هو خطر تحولها الى منصة من منصات المواجهات الخلفية بين القوى الغربية وإسرائيل وايران بما يضاعف المخاطر والمخاوف من انزلاق للوضع الميداني نحو تفجير واسع. ولذا اكتسب ما نقله احد النواب من زوار عين التينة امس عن رئيس مجلس النواب نبيه بري دلالات مهمة لجهة كلام بري عن تجنب الأفخاخ الإسرائيلية. اذ نقل النائب طه ناجي عن بري بأن “لبنان لن يقع في الفخ الإسرائيلي الذي يهدف إلى جرنا لحرب شاملة، وهو في الوقت نفسه كله ثقة بحكمة المقاومة ووعي قيادتها في لبنان الى كل هذه الأفخاخ. كما يؤكد الرئيس بري أن إسرائيل التي إرتكبت الخطا الإستراتيجي الأول في عدوانها على غزة، في حال قامت بالعدوان على لبنان فإنها ترتكب الخطأ الإستراتيجي القاتل”.
ووفق معلومات «البناء» فقد تلقى حزب الله من دبلوماسيين أوروبيين وغربيين عبر مسؤولين لبنانيين، نصائح بتخفيف حدة العمليات العسكرية ضد «إسرائيل» هذه الفترة، لكي لا يعطوا الذريعة لنتنياهو للقيام بتوسيع الحرب على الجنوب، وطالما أن الاحتلال يتحدث عن وقف العمليات العسكرية الجوية والبرية على غزة والانتقال الى المرحلة الثالثة من الحرب (الأمنية)، وهذا ما بدأ بتنفيذه على أرض الواقع بسحب فرق عسكريّة من النخبة من شمال غزة.
وأفادت مصادر صحافية من باريس لـ«البناء» عن حراك فرنسيّ باتجاه لبنان في ملف رئاسة الجمهورية، وسيتوجّه الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت مطلع الشهر المقبل ويقوم بجولة على المرجعيات السياسية باسم اللجنة الخماسية من أجل لبنان. وقبل وصول لودريان الى لبنان سيشارك في اجتماع اللجنة الخماسية الذي سيعقد في السعودية أو في القاهرة. لكن المصادر قللت من أهمية نتائج اللقاء الخماسي الذي لن يعقد على مستوى الصف الأول، بل ممثلين عنهم، وخاصة أنه ليست المرة الأولى التي تجتمع اللجنة الخماسية، وسبق أن عقدت لقاءات عدة ولم تؤد الى نتيجة، بسبب التباينات بين أعضاء اللجنة ولو أنهم متفقون على الخطوط العريضة، والسبب الثاني هو الخلافات بين الأطراف الداخلية اللبنانية حول مواصفات الرئيس وهويته وخياراته السياسية. وكشفت المصادر عن غياب الاهتمام الدولي بالملف الرئاسي اللبناني لصالح التركيز على الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها على المنطقة، ومنع توسيع الحرب في جنوب لبنان. وقللت أوساط نيابية في الحزب الاشتراكي من الأبعاد السياسية للقاء بين الاشتراكي والمردة، مشيرة لـ«البناء» الى أن مستوى الحضور من عائلة الطرفين يؤكد الطابع العائليّ للقاء كليمنصو. وجاءت زيارة فرنجية إلى جنبلاط كردّة «إجر» على زيارة قام بها النائب تيمور جنبلاط الى بنشعي منذ أسبوعين. ولفتت الأوساط الى أن الحزب الاشتراكي منفتح على كافة الأطراف ويتحدّث مع الجميع بمن فيهم حزب الله والتيار الوطني الحر وبطبيعة الحال مع الرئيس نبيه بري، لاقتناع الاشتراكي بأن لا حل للملف الرئاسي من دون التواصل والحوار.
وأكدت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما من تحضيرات محلية جدية في الملف الرئاسي وكل ما يحكى هو استئناف اللجنة الخماسية الاتصالات بشأن تفعيل هذا الملف، وقد يتظهَّر ذلك من خلال زيارة متوقعة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت لكنها لاحظت أن أي مستجد تصعيدي قد يؤدي إلى تعليق هذه الفكرة،ما قد يدفع إلى استمرار الشغور الرئاسي وجعل الملفات عرضة للتأخير او البت داخل حكومة تصريف الأعمال التي توجه لها انتقادات في مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية.
اضافت ” اللواء”: وتعقد اللجنة الخماسية العربية – الدولية اجتماعاً نهاية الشهر الجاري او الاسبوع الاول من شباط، لمراجعة المواصفات التي ارسلت عبر برقيات حملها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى الكتل النيابية، وحصل على اجابات حولها، وبعد ذلك يحمل لودريان مجدداً الى لبنان خلاصة هذه المواصفات، ويعلن اما عبر بيان او مؤتمر صحافي.
وبعد ذلك، من الممكن عقد جلسات متتالية لمجلس النواب لانتخاب الرئيس، من زاوية نضوج الاجواء التفاوضية في المنطقة التي تحتاج الى رئيس من اجل تنفيذ القرار 1701 او الشروع بعملية الترسيم البري للحدود الجنوبية من الغرب الى الشرق.
وكتبت” الديار”: حركة الموفدين الغربيين التي كانت ناشطة الاسبوع الماضي، مما يدعو الى ترجيح الصورة السلبية، خصوصاً بعد مغادرة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين بيروت، من دون ان يجري اي اتصال بمسؤول لبناني، او وسيط لنقل المستجدات او الحصول على جواب نهائي، الامر الذي اعتبره المراقبون السياسيون رسالة جديدة من التحذيرات كرّرها هوكشتاين منعاً لانزلاق لبنان في الحرب.
وكتبت” الاخبار”: تشهد الكواليس الدبلوماسية مشاورات مكثّفة لتجنّب التصعيد ومحاولة الوصول إلى صيغة مناسبة تعيد الهدوء إلى الجبهة الجنوبية. ونقلت قناة «كان» العبرية عن دبلوماسيّين غربيين اعتقادهم أن «تقليص القتال في قطاع غزة، والحديث عن نقل (إعادة) سكان فلسطينيين من جنوب القطاع إلى شماله، وخطوات معينة، من شأن ذلك إيجاد مناخ جيّد، ربّما يؤدي إلى إمكانية الحديث مع حزب الله حول حل دبلوماسي في الشمال». وأوضحت القناة أن «الوسطاء من فرنسا والولايات المتّحدة، يحاولون التوصّل إلى حلّ دبلوماسي بهذا الخصوص»، مشيرة إلى أن «حزب الله يوضح بشكل علني، وأيضاً للوسطاء، أنه يريد وقف الحرب في قطاع غزة قبل التحدّث عن حلّ في الشمال». وأضافت القناة العبرية أن «مستشاراً كبيراً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موجود حالياً في إسرائيل، تحديداً للبحث عن حلّ دبلوماسي لهذه القضية». وأكّدت أن «الوسطاء الفرنسيين والأميركيين يعتقدون بأنه يجب تنفيذ وقف إطلاق نار، وبعد ذلك يمكن الحديث عن التفاصيل الصغيرة». ولكن، بحسب الدبلوماسيين الغربيين، يبدو أن «وقف إطلاق النار، وتسوية طويلة الأمد بين إسرائيل وحزب الله، هدفان بعيدان جداً على الأقلّ في هذه المرحلة، إلا أن الوسطاء يعتقدون بأن الشعور بتقليص الحرب (في غزة) قد يكون كافياً للتقدّم بشيء ما». وكتب رون بن يشاي، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنه «في مناسبات سابقة، عندما زار عاموس هوكشتين لبنان، أبلغ مضيفيه أن الولايات المتحدة تعارض الهجوم الإسرائيلي، فاستنتجوا من ذلك أن إسرائيل أسقطت خيار التحرّك بسبب خوف البيت الأبيض من أن تتحوّل الحرب إلى حملة إقليمية. هذه المرّة وعلى ما يبدو، بعد طلب غالانت الصريح، رسم هوكشتين صورة مختلفة للبنانيين، مفادها أن إسرائيل لن تتردّد في جرّ الجيش الإسرائيلي إلى حرب محدودة برية وجوية وبحرية رغم معارضة الولايات المتحدة». وبحسب بن يشاي، «أوضح هوكشتين للبنانيين أن ذلك سيحدث إذا استمرّ (السيد) حسن نصرالله في المطالبة بوقف الحرب في غزة كشرط لإجراء محادثات». وبحسب الكاتب، يمكن التقدير أن «هذا ليس تهديداً فارغاً»، إذ إن «قائد المنطقة الشمالية، أوري غوردين، تابع عن كثب، بالأمس (الإثنين)، مناورة تحضيرية للواء احتياطي للمناورة في جنوب لبنان، بل ومنحها دعاية بارزة». ومن المتوقّع أن تُجرى اليوم تدريبات عسكرية في مستوطنة كريات شمونة على الحدود مع لبنان.
واكدت مصادر سياسية مطلعة عن كثب على خلفيات الموقف الاميركي ل “الجمهورية” ان الاميركيين اكّدوا ان لا حرب اسرائيلية واسعة ضدّ لبنان، وتحت هذا العنوان تتحرك واشنطن من بداية الحرب في غزة، ورغم تصاعد عمليات» حزب الله «فإنّ واشنطن لا تريد ان تتصاعد المواجهات على الحدود الجنوبية، وتردع اسرائيل عن القيام بأي خطوة لتصعيد كبير. والموقف الحقيقي لواشنطن سبق ان عبّر عنه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين بعد لقائه الرئيس نبيه بري الاسبوع الماضي، بأنّ اسرائيل تفضّل الحل الديبلوماسي، ولبنان ايضاً، وواشنطن بدورها ترى انّ الخروج من هذه الازمة يتمّ عبر الحل الديبلوماسي، ومهمتنا هي أن نصل الى حل ديبلوماسي. في هذه الاجواء توجّه الرئيس ميقاتي الى دافوس في سويسرا للمشاركة في اعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حيث التقى امس رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وتمّ البحث في الأوضاع الراهنة في الاراضي الفلسطينية والمنطقة وانعكاسها على لبنان. كما تطرّق البحث الى عمل » اللجنة الخماسية العربية والدولية «للمساعدة ، في دفع عملية انتخاب رئيس جديد للبنان قدماً الى الأمام.
وكتبت” الشرق الاوسط”: يُنقل عن السفير الفرنسي، أن هناك ضرورة لانعقاد اللجنة الخماسية للخروج بموقف موحد في مقاربتها للخيار الرئاسي الثالث الذي كان دعا إليه الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته الأخيرة إلى بيروت، على أن يعود لاحقاً، كما وعد؛ سعياً وراء حض الكتل النيابية على التوافق على المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس العتيد، من دون الدخول في الأسماء.
لكن الكتل النيابية لم تتبلغ حتى الساعة بموعد عودة لودريان، ولا بموعد انعقاد اللجنة الخماسية، مع أن البعض في لبنان يروّج كلاماً عن وجود رغبة فرنسية بعقد اجتماع تحضيري يقتصر على ممثلين لكل من فرنسا والسعودية وقطر؛ بغية التوصل إلى توحيد الرؤية لقطع الطريق على لجوء بعض الأطراف اللبنانية إلى نسب مواقف لهذه الدولة أو تلك من أعضاء الخماسية، على أن يصار إلى إدراجها على جدول أعمال الاجتماع الموسع للخماسية.
مصادر سياسية رفيعة محسوبة على محور الممانعة سارعت إلى تفسير ما قصده نصر الله، بقولها إن إصراره على تلازم المسار بين غزة وجنوب لبنان يأتي في إطار الضغط لوقف العدوان على غزة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب لا ينظر إلى موقف أمينه العام من زاوية أنه يريد تعطيل انتخاب الرئيس؛ الأمر الذي سيستدرجه إلى اشتباك سياسي مع المجتمع الدولي الذي يتلاقى في موقفه مع الأكثرية في الداخل بدعوتها لإنجاز الاستحقاق اليوم قبل الغد؛ لأنه لم يعد للبنان القدرة على التعايش مع الفراغ الرئاسي، في ظل تدحرجه نحو الانهيار الشامل.
وبكلام آخر، فإن نصر الله، وإن كان لا يزال على موقفه بدعم ترشّح فرنجية للرئاسة الأولى، فهو لن يغلق الأبواب أمام إنضاج الظروف السياسية، لعلها تأتي برئيس يرتاح له ويدعوه للاطمئنان بحماية ظهره ولا يطعنه من الخلف.
في المقابل، تجزم مصادر قيادية في المعارضة بأن ما صرح به أخيراً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بأنه لم يعد من مرشح للرئاسة سوى فرنجية، وبالتالي فلنذهب إلى انتخابه، ليس دقيقاً، وتكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير السابق جهاد أزعور لم يقرر حتى الساعة العزوف عن الترشح، وتقول إنه ماضٍ في ترشحه، وهذا ما أبلغه لعدد من النواب الذين التقاهم خلال وجوده في لبنان لتمضية عطلة الأعياد.
Related Posts