نجحت الفيديوهات التي بثتها كتائب القسام عن عدد من الأسرى الاسرائيليين الذين قتلوا بالقصف الصهيوني ونشر صورهم أحياء ومن ثم وهم أموات، في تحفيز الشارع الاسرائيلي على ممارسة المزيد من الضغط على الحكومة الاسرائيلية للإسراع في إنهاء هذا الملف وإجراء المفاوضات للافراج عمن تبقى منهم، في وقت تصر المقاومة على شروطها للدخول في المفاوضات حول الأسرى وأبرزها وقف إطلاق النار بشكل شامل ونهائي، وتبييض السجون الاسرائيلية.
لا شك في أن ملف الأسرى عاد ليتصدر المشهد، ففي غزة تعمل المقاومة على حماية الأسرى من النيران الاسرائيلية كونهم يشكلون لها ورقة رابحة تعوّل عليها في تنفيذ الكثير من الشروط، وفي إسرائيل هناك خوف كبير من قبل العائلات على مصير أبنائهم، ما أدى الى تفعيل التحركات والتظاهرات التي يشارك فيها الآلاف للضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتيناهو لتحريرهم.
في غضون ذلك، ما تزال المقاومة على جهوزيتها من النواحي اللوجستية والعسكرية والاعلامية.
ولعل إطلاق الصواريخ من شمال القطاع بإتجاه تل أبيب وأشدود والعمليات العسكرية التي ينفذها المجاهدون على مدار الساعة ضد جيش الاحتلال وإستهداف الآليات والجنود وتصويرها ومن ثم إنتاجها إعلاميا هو أكبر دليل على أن المقاومة بالرغم من كل الادعاءات الاسرائيلية حول الانتشار وتثبيت النقاط في غزة ما تزال تتحرك بحرية.
وما ساهم في إستفزاز الاسرائيلي هو تكليف الشرطة الفلسطينية للقيام ببعض الأعمال الميدانية من رفع صواريخ غير منفجرة، وإشراف على توزيع الغذاء والماء، وذلك في صورة تؤكد أن السلطة ما تزال في يد حركة حماس التي تمارس مهامها على الصعد العسكرية والاجتماعية والانسانية، وفي التصدي للعدو في كل المناطق لا سيما في خان يونس الذي إقتحمه العدو منذ ما يقارب 25 يوما لكنه ما يزال حتى اليوم عاجزا عن دخوله ويدور في محيطه من دون أن يحقق أي تقدم ليضاف ذلك الى الفشل الاسرائيلي العام في تحقيق أي إنجاز منذ بداية الحرب قبل أكثر من مئة يوم.
وكان لافتا أمس مغادرة الفرقة 36 غزة بما تضم من لواء النخبة غولاني وعدد آخر من الفرق العسكرية، ما يشير الى أكثر من سيناريو لجهة:
أولا: إمكانية نقل هذه الفرقة الى الضفة الغربية التي تتصاعد فيها الأحداث بشكل بدأ يقلق الحكومة الاسرائيلية التي تخشى من إنفلات الوضع في الضفة لأن ذلك قد يؤدي الى ما هو أخطر من 7 أكتوبر، خصوصا أن الفلسطينيين هناك على تماس مباشر مع الاسرائيليين ولا يحتاجون أن يجتازوا حدود أو تحصينات.
ثانيا: ربما تريد حكومة الحرب نقل الفرقة 36 الى شمال فلسطين لمواجهة المقاومة في لبنان في ظل تصاعد وتيرة المواجهات، وقد لفت أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه أمس الأول الى ذلك، مؤكدا أنه “هلا ومرحب بالمنهكين الذين فشلوا في غزة ويحتاجون الى أطباء نفسيين”، لافتا الى أن “هؤلاء لا يخيفون أحدا والمقاومة مستعدة للمواجهة”.
أما السيناريو الثالث فربما يكون الانتقال من غزة الى الثكنات لإراحتهم وعرضهم على أطباء نفسيين، وللتخفيف من حجم الاستهداف الذي لحق بهذه الفرقة، وكذلك لاعادة الاحتياط الى أعمالهم في مؤسسات الكيان بعد مئة يوم من شللها الكامل.
واللافت، أن كل السيناريوهات تدل على تخبط الكيان الاسرائيلي وخوفه من كل ما يحيط به، وقد إنعكس فشل الميدان خلافات غير مسبوقة بين أركان الحرب وصولا الى التهديد بالإقالات والاستقالات، وإدراك نتنياهو بأن وقف إطلاق النار يعني نهايته السياسية، وأن توسيع إطارها يبقيه في الحكم، ما يدخله في صراع مع الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض توسيع الحرب وتفتش عن كيفية الخروج من المأزق الذي وصلت إليه في الشرق الأوسط بفعل فشل نتنياهو.
Related Posts