مسعف فلسطيني يكشف ظروف اعتقال مدير مجمع “الشفاء”…من بقي في المستشفى؟

كشف مسعف فلسطيني يعمل في مستشفى الشفاء شمالي قطاع غزة، تفاصيل اعتقال مدير عام أكبر مجمع طبي بالقطاع، وذلك خلال تواجده في حاجز عسكري إسرائيلي بعدما خرج ضمن قافلة طبية، في حين أكد الجيش الإسرائيلي ذلك في بيان تلقى موقع “الحرة” نسخة منه.

وفي تصريحات خاصة لموقع “الحرة”، قال المسعف عبد القادر أبو سمرة، إنه “شاهد” الجيش الإسرائيلي أثناء قبضه على مدير عام مستشفى الشفاء الطبي، محمد أبو سلمية، “أثناء خروج قافلة طبية من المجمع في الشمال، نحو المنطقة الجنوبية للقطاع”.

وأضاف: “وصلنا 3 فجرا عند الحاجز الذي يفصل شمالي القطاع عن جنوبه.. وبقينا هناك لمدة 5 ساعات، تعرضنا فيها لمعاملة مهينة”.

وكان مستشفى الشفاء، وهو أكبر مجمع طبي في قطاع غزة الفلسطيني، في محور المعارك لعدة أسابيع، بعدما اتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس بـ”تخزين أسلحة فيه واستخدامه كمركز قيادة”، وهو الأمر الذي نفته حماس والطاقم الطبي.

من جانبها، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، أن القافلة “تم توقيفها” من قبل حاجز الجيش الإسرائيلي، “رغم أنها خرجت بتنسيق مع منظمة الصحة العالمية”.

ماذا حدث عند الحاجز الإسرائيلي؟

قال أبو سمرة في حديثه لموقع “الحرة” عن ملابسات اعتقال أبو سلمية: “أنزلوا الدكتور محمد وعاملوه بطريقة مهينة، وأخذوا مقتنياته الشخصية وسلمونا إياها.. كان ذلك أمام عيني مباشرة”.

واستطرد قائلا: “بكينا عندما شاهدنا الدكتور محمد يُعامل بهذه الطريقة.. كانت لديه الفرصة للهروب للجنوب لتأمين نفسه، لكنه فضل البقاء (في المستشفى) حتى النفس الأخير مع المرضى”.

وقال المسعف الفلسطيني، إن أبو سلمية سأل ضابطا إسرائيليا قبل خروجه من المستشفى، عما إذا كان يُفترض منه البقاء في مستشفى الشفاء أم الخروج منه، مؤكدا أن الجيش “طلب منهم الخروج وطمأن الموجودين هناك بأن الجميع سيصل إلى الجنوب”.

وفي الأسبوع الماضي، أبلغ أبو سلمية أبلغ وكالة فرانس برس بأنه تلقى “أمرا” بإخلاء المستشفى في 18 نوفمبر، بعدما رفض أمرا سابقا مماثلا، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه أجلى مئات المرضى والنازحين من الشفاء بناء على “طلب” الطبيب.

وفي ذلك اليوم، خرج مئات الأشخاص من المستشفى، فيما بقي نحو 120 شخصا والأطفال الخدج الذين تم نقلهم في يوم 19 نوفمبر إلى رفح ومن ثم مصر لتلقي العلاج، وفقا لفرانس برس.

وقال أبو سمرة إن الجيش الإسرائيلي “تعامل معهم بطريقة مقززة، وتلفظ عليهم بألفاظ نابية باللغة العربية، في حين كانت الأضواء والكاميرات موجهة عليهم من كل صوب”.

الجيش الإسرائيلي يرد

في بيان تلقى موقع “الحرة” نسخة منه، أكد الجيش الإسرائيلي “اعتقال مدير مستشفى الشفاء ونقله إلى التحقيق لدى جهاز الشاباك، بعد أن تم الكشف عن شهادات عديدة حول استخدام المستشفى الذي يديره كمقر قيادة لحماس”.

وقال الجيش في بيانه: “لقد استغلت منظمة حماس الإرهابية موارد كبيرة في المستشفى، من بينها الكهرباء، لتقوية شبكة الأنفاق، بالإضافة إلى تخزين وسائل قتالية عديدة داخله وفي محيطه”.

وأضاف: “بعد مجزرة السابع من أكتوبر استخدمت حماس المستشفى كمأوى للمخربين الذين شاركوا فيه، بالإضافة إلى نقل مختطفين إسرائيليين إليه في يوم المجزرة”. وأشار الجيش إلى أن “تقرير الطب الشرعي أقر أن قتل المجندة العريف نوعا مرتسيانو تم داخل المجمع الطبي”.

وتابع بيان الجيش: “القرار بشأن مواصلة احتجازه (أبو سلمية) سيُتخذ بناء على نتائج التحقيق، وتورط مدير المستشفى في النشاطات الإرهابية”.

وتواصل موقع “الحرة” مع الجيش الإسرئيلي للحصول على تعليق بشأن مزاعم “المعاملة المهينة” للقافلة الطبية الفلسطينية المتوجهة إلى جنوبي القطاع دون أن يتسنى ذلك على الفور.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس عقب هجوم غير مسبوق شنته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال قضوا بمعظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيليّة.

وتوعدت إسرائيل بـ “القضاء على حماس”، وتشن حملة قصف جوي ومدفعي كثيف، بالإضافة إلى توغل بري داخل القطاع ردا على الهجوم، مما تسبب بمقتل أكثر من 14 ألف شخص غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفقا للسلطات الصحية هناك.

الموجودون في القافلة

والقافلة الأخيرة التي خرجت من مستشفى الشفاء ومن بينها أبو سلمية، ضمت 120 مريضا، مع عدد من المرافقين والأطقم الطبية الذين يصل عددهم إلى 350 شخصا، وفقا لحديث أبو سمرة لموقع “الحرة”.

ومضى في قوله: “نزلنا جميعا من القافلة التي تضم حافلات وسيارات إسعاف، باستثناء المرضى الذين لم يستطيعوا النزول، حيث صعد الجيش (على متن الحافلة) لهم”.

وبالإضافة إلى أبو سليمة، قال أبو سمرة إن الجيش الإسرائيلي اعتقل “عددا آخر من الأطقم الطبية، بما في ذلك طبيب ومسعف شاهد عملية اعتقالهما بنفسه، بجانب أبو سلمية”.

وذكر المسعف أن الجيش الإسرائيلي قبض أيضا على سائقي سيارتي إسعاف، وطلب من المدنيين المتواجدين في القافلة الذين يحملون رخصة قيادة، تحريك سيارة إسعاف ونقل المرضى، بعد اعتقال السائقين.

من بقي في “الشفاء”؟

وأكد أبو سمرة أن هناك مرضى “لا يزالون” في مجمع الشفاء الطبي، “يقدر عددهم بـ 150 مريضا، لا يستطيعون الحركة، ونقلهم بحاجة إلى أسرّة”.

وأردف: “هناك 150 مريضا مع طبيب واحد بلا ممرض.. هؤلاء وضعهم صعب وبعضهم لديهم كسور في العمود الفقري أو الجمجمة ولا يستطيعون الحركة”.

وتابع أبو سمرة حديثه عن الرحلة التي مرت بها القافلة بعد الخروج من الشفاء، قائلا إنه “شاهد جثثا مرمية في الطريق من مستشفى الشفاء نحو الحاجز الإسرائيلي، الذي يفصل جنوبي القطاع عن شماله”.

وأوضح: “بعضها متعفن وبعضها لم يكن كذلك.. بصراحة كان منظرا لم أره في حياتي إلا في الأفلام، حيث كل 100 متر هناك جثث مرمية”.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية، قد أكدت خروج قافلة طبية من مستشفى الشفاء شمالي القطاع، ليل الأربعاء الخميس، متوجهة نحو جنوبي القطاع.

وقالت الوزارة في بيان، الخميس، إن الجيش الإسرائيلي تعامل مع القافلة “بعنف شديد”، فيما “اعتقل” عددا منهم، وعلى رأسهم مدير عام مستشفى الشفاء.

وبحسب الوزارة، فإن القافلة “تحركت بتنسيق من قبل منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة”، التي أبلغتهم “بوجود تنسيق لإخلاء المتواجدين في مجمع الشفاء الطبي”.

وحمّلت الوزارة، الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن هذا الحدث، مضيفة: “ننتظر الإجراءات المناسبة والعاجلة من طرفهم لمعالجة ذلك”.

كما قررت الوزارة “وقف التنسيق الكامل مع منظمة الصحة العالمية في موضوع إخلاء باقي الجرحى والطواقم الطبية، إلى حين تقديم تقرير يوضح ما حدث، والإفراج عن المعتقلين”، وفقا للبيان.

الحرة


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal