حرب غزة لم تبدأ بعد!.. غسان ريفي

في السابع من تشرين الأول (اكتوبر)، نفذت المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى وحققت فيها نصرا تاريخيا مؤزرا وغير مسبوق على العدو الاسرائيلي الذي تصدع كيانه وإهتز معه الكيان العالمي الداعم له.

العملية العسكرية انطلقت عند الخامسة فجرا وإنتهت عند الخامسة مساء، مخلفة وراءها تداعيات سترخي بثقلها على إسرائيل التي نجحت المقاومة خلال ١٢ ساعة في تعرية منظومتها العسكرية وكسر هيبتها بهزيمة قاسية لن يستطيع أي كان أن يخفف من آثارها أو أن يتجاوز نتائجها.
في اليوم التالي أي في الثامن من أكتوبر لم ترد اسرائيل على عملية طوفان الأقصى التي إنتهت ميدانيا وعسكريا وسياسيا في اليوم نفسه، بل عملت على الانتقام من أهل غزة قتلا وتدميرا وتهجيرا واستهدافا للمدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ من دون أن تستطيع ان تغطي على هزيمتها أو أن تحفظ ماء وجهها، خصوصا ان القصف الجوي وقتل الأبرياء وإستهداف المستشفيات لا يحقق إنجازًا تطلبه أميركا التي أطلقت يد إسرائيل لتقديمه على طاولة المفاوضات بما يسمح بفرض الشروط.
على مدار ٣٨ يوما من العدوان الصهيوني الآثم لم تواجه إسرائيل المقاومة الفلسطينية، وهي بالتالي لم تفجر نفقا ولم تقتل قياديا ولم تحرر أسيرا ولم تعتقل مجاهدا ولم تحقق تقدما، حيث باءت كل محاولاتها بالفشل وبكثير من الخسائر في الجنود والآليات.
لذلك، يمكن القول إن معركة غزة لم تبدأ بعد، وبدايتها تكون بنزول جيش العدو من آلياته وملالاته على الأرض وبتقدم المشاة لمواجهة مجاهدي المقاومة والالتحام معهم ضمن خطة الاجتياح الاسرائيلية، لكن ذلك لم يحصل، علما أن الاجتياح البري من شأنه أن يخفف عن أهالي غزة، مع إنتهاء دور وفاعلية القصف الجوي، وإنطلاق حرب المقاومين ضد الجيش الغاصب وجهًا لوجه وهو أمر ما يزال يرعب الاسرائيليين الذين يحاولون إيهام الرأي العالمي أن وجودهم على بعد عشرات الأمتار من مستشفى الشفاء يعدّ إنتصارا، خصوصا أن العدو يحرص على زرع أعلامه على الارض وعلى بعض الركام لإقناع العالم بذلك.
يبدو أن الخسائر الهائلة التي تلحقها المقاومة بجيش العدو ستمنعه من إتمام تقدمه، وبالتالي فإن الجهود تنصب اليوم للذهاب الى مفاوضات تترافق مع وقف إطلاق النار والإعلان أن إسرائيل حققت هدفها بالدخول الى أطراف غزة، ولعل ما قاله نتنياهو حول التفكير في المفاوضات يترجم ذلك، خصوصا أن الأميركي بات على قناعة بأنه لم يعد بالإمكان أفضل مما كان بالنسبة للاسرائيلي ولا بد من وقف إطلاق النار مع تنامي الاحتجاجات الشعبية الرافضة لاستمرار العدوان والتي وصلت الى عقر دار الرئيس جو بايدن.
أمام هذا الواقع وموازين القوى، تسعى الدول المعنية الى منح إسرائيل نصرا سياسيا تعويضا عن فشلها العسكري، من خلال الحديث عن وضع غزة تحت سلطة الأمم المتحدة او تحت وصاية عربية أو دولية، وهذا الكلام سابق لأوانه خصوصا مع تطورات الميدان التي لا يوجد فيه إنتصارا لاسرائيل ولا إنكسارا للمقاومة بل على العكس فإن النتائج تصب كلها في مصلحة المقاومة التي ألحقت هزيمة أولى بالعدو في غلاف غزة وتستعد لتلحق به الهزيمة الثانية في عمق غزة، وهي أيضا تنتظر ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية بشأن الحرب فإما أن تنتهي على ما هو قائم في الميدان اليوم، وإما أن تنطلق المعركة الحقيقية التي ما تزال المقاومة تمتلك الكثير من الامكانات العسكرية لتفاجئ بها العدو الاسرائيلي، الى جانب الجبهات الداعمة وخصوصا في الجنوب اللبناني الذي تربك مقاومته العدو وتلحق به الخسائر على مدار الساعة!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal