الراعي “يعيب” إسقاط قائد الجيش: الفراغ يزحف نحو مناصب الموارنة… عبدالكافي الصمد

ليس كلاماً عابراً ذاك الذي أطلقه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الأحد يوم أمس من بكركي، وتناول فيه الخطر الذي يُهدّد مؤسّسة الجيش اللبناني في هذه المرحلة، وهو كلام جاء للمناسبة بعد أيّام قليلة من دخول الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية عامه الثاني مطلع الشّهر الجاري.

فالبطريرك الماروني الذي كان استقبل بعد ظهر يوم أمس قائد الجيش العماد جوزاف عون، كان استبق ذلك بعظة قال فيها إنه “من المعيب حقاً أن نسمع كلاماً عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعاطيه مع الدول”، معتبراً أنّ “مثل هذا الكلام يحطّ من عزيمة مؤسّسة الجيش التي تحتاج إلى مزيد من المساعدة والتشجيع والإصطفاف حولها. وهي في الوقت عينه منبع ثقة المواطنين واستقرارهم النفسيّ والأمنيّ”.
كلام الراعي الذي يشبه التحذير ينبع من غياب التوافق بين القوى السّياسية، سواء داخل حكومة تصريف الأعمال أو المجلس النيابي، حول ملف التمديد لقائد الجيش الذي تنتهي ولايته بعد نحو شهرين ونيّف، وتحديداً في 10 كانون الثاني المقبل، ما سيجعل الفراغ المهيمن في البلاد يمتد إلى قيادة المؤسسة العسكرية، ويجعل الوضع الأمني في الوقت نفسه يدخل مرحلة حرجة وبالغة التعقيد.
والفراغ المحتمل على رأس قيادة الجيش الذي بات محل قلق عسكري وسياسي وشعبي في البلاد، هو الرابع في مناصب رئيسية بعد الفراغ في منصب رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون منذ أكثر من عام، والفراغ في منصب حاكمية مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة الصيف الفائت، والفراغ على رأس مؤسسة الأمن العام بعد انتهاء ولاية المدير العام السابق للمؤسسة اللواء عباس ابراهيم قبل مدة، قبل أن يقترب الفراغ بدوره من قيادة الجيش اللبناني بعد نحو شهرين.
لكنّ القلق المذكور أضيف إليه عند البطريرك الراعي قلقٌ من نوع آخر، وهو أنّ 3 مناصب من المناصب الأربعة المذكورة يحتلها موارنة، ما يعني بأنّ الطائفة التي يرأسها غبطته مهدّدة بأن تفقد دورها كشريك أساسي في حكم البلاد، في بلد محكوم بتوازن طائفي ومذهبي دقيق.
هذه الشّراكة الطائفية في إدارة الحكم في لبنان التي باتت مهدّدة ـ عملياً ـ جعلت الراعي يعتبر بأنّ “الفراغ كأنّ المقصود منه المضيّ في تفكيك مؤسّسات الدولة، والتلاعب في موظّفيها، وتنفيذ الزبائنيّة في إداراتها، وهذا ما أفقد المسؤولين السياسيّين ثقة العالم بهم، وبالتالي أهل لبنان”.
فهل يمكن أن تشهد فترة الشهرين المقبلين مخرجاً لأزمة الفراغ الزاحفة نحو قيادة المؤسّسة العسكرية، وكيف، ووسط أيّ ظروف في بلد منقسم على نفسه، وفي منطقة تغلي صراعات وحروب تعرف لها بداية ولا تعرف لها نهاية؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal