منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” قبل 28 يوماً، في 7 تشرين الأوّل الماضي، كان سؤال وحيد يدور على ألسنة اللبنانيين، هو: ماذا لو امتدت الحرب الدائرة بين جيش الإحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية إلى لبنان، كيف ستكون وكيف سنواجهها، وما هي مقومات المواجهة، وما هي الإمكانات المتوافرة لذلك على كلّ الصعد؟
لا تعود هذه الأسئلة المقلقة إلى قلّة ثقة بالمقاومة اللبنانية وفي قدرتها على الصمود والمواجهة، وتحقيق إنجازات وإنتصارات في مواجهة العدوان الإسرائيلي، بل إلى عدم يقين وثقة بما ستقوم به الدولة في هذا المجال، من تقديم خدمات طبّية وإجتماعية إلى المواطنين الذين سيتضررون من العدوان المتوقع، لأنّ أغلبهم ما يزال يتذكر التعاطي الخجول للدولة إبّان عدوان تمّوز 2006، وتصرّفها وكأنّ الأمر لا يعنيها.
ومع أنّ الأيّام الـ28 السّابقة كانت تشهد مناوشات و”ردع” مزدوج عند طرفي الحدود الجنوبية، بين المقاومة وجيش الإحتلال، فإنّ الترقب سوف يكون سيّد الموقف خلال السّاعات المقبلة، بانتظار ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عصر اليوم بما يتعلق بالأحداث الجارية في قطاع غزة وجنوب لبنان.
هذا الترقّب المشوب بالقلق يعود إلى سؤال مركزي وأساسي، هو: هل أنّه بعد خطاب نصر الله سيبقى الوضع على حاله، أم أنّ التصعيد سيكون الخيار الوحيد المتاح، ومعه سيذهب لبنان والمنطقة نحو مواجهة شاملة، ضمن مبدأ “وحدة السّاحات” الذي رفعه فرقاء المقاومة؟
هذا السّؤال وغيره ستحمل السّاعات القليلة المقبلة الإجابة عليه، غير أنّ أسئلة أخرى بقيت وستبقى على الأرجح بلا أجوبة، أبرزها ماذا ستفعل الدولة اللبنانية لمواجهة كلّ المخاطر الداهمة، وما هي الإمكانات المتوافرة لديها لذلك في ضوء شبه الإفلاس الذي تعانيه والشلل الذي ترزح تحته، وهل خطّة الطوارىء التي وضعتها قابلة فعلاً للتنفيذ أم أنها مجرد خطة “رفع عتب” دفعاً للمسؤولية عنها، وحبراً على ورق؟
كلّ المؤشّرات تؤكّد أنّ الدولة ستقف عاجزة أمام تداعيات الحرب المقبلة على لبنان، في حال حصولها واتّساعها أكبر ممّا هي عليه الآن، وأنّها ستقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد الإعتداءات الإسرائيلية عليه، تاركة اللبنانيين يتصرفون لإنقاذ ومساعدة أنفسهم على قاعدة “دبّر راسك”، وبأنّ أكثر ما يمكنها فعله في هذا المجال هو طلب مساعدات خارجية، من دول شقيقة وصديقة ومن الأمم المتحدة، وهو طلب ليس مضموناً تلبيته نتيجة “سوابق” أجهزة الدولة ووزاراتها في التعاطي بشفافية مع المساعدات التي قدمت لها، وما حصل خلال وبعد عدوان تموز 2006 هو أكبر شاهد على فساد وعدم شفافية الجهات الرسمية والطبقة السياسية، ما سيجعل أغلب المانحين يتردّدون كثيراً قبل تقديم مساعدات إلى الدولة اللبنانية، لأنّ أغلبها بالإجمال لن تصل إلى مستحقيها، فضلاً عن أن هذه المساعدات باتت مقرونة من قبل المانحين بشروط سياسية لا يبدو لبنان قادراً على تلبيتها.
Related Posts