كتب المحرر السياسي
ينتظر أن يعود اليوم الى لبنان بعد غياب طويل بطريرك الطائفة المارونية الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي أمضاه في كل من اوستراليا حيث ترأس إحتفالات اليوبيل الخمسيني لابرشية سيدني المارونية، ساعيا في الوقت عينه إلى جمع مساعدات مالية لدعم المدارس الكاثوليكية المتعثرة بسبب انخفاض قيمة العملة اللبنانية والضائقة المالية التي تعصف بالبلاد، ومن ثم في حاضرة الفاتيكان للمشاركة في اجتماعات حبرية، وفي اجتماع للبطاركة الكاثوليك في الشرق. وقد طالت هذه الاجتماعات وطالت معها غيبة الراعي عن لبنان في وقت عصيب وحساس تواجه فيه البلاد تحديات خطيرة. تأخذ بعض الاوساط على البطريرك الماروني عدم اتخاذه موقفا واضحا من عملية “طوفان ألاقصى” والاكتفاء ببيان مشترك مع نظرائه رؤساء الكنائس يتضمن كلاما عاما غير محدد يدين فيه العنف بالمطلق، ولا ينطوي على إدانة واضحة للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزه وسواها، وكأن هناك مساواة بين الدولة العبرية المعتدية والشعب الفلسطيني المعتدى عليه. واذا كان موقف الكنائس الشرقية من العنف هو موقف مبدئي، فان التخصيص والتسمية والتوصيف،هو واجب على هذه الكنائس لأن إسرائيل لم توفر في اعتدائها المقدسات المسيحية من مستشفيات وكنائس واديرة. ولأن البطريرك الماروني هو رأس إحدى أقدم الكنائس الشرقية واعرقها، فإن موقفه ينبغي أن يكون مختلفا ومنحازا إلى الحق الفلسطيني، ورافضا لإسرائيل بصيغتها العدائية، وطبيعتها الالغائية،خصوصا ان المسيحيين هم اصيلون في هذا الشرق العربي.
وكانت العديد من الاوساط المسيحية طرحت سلسلة أسئلة حول صمت الراعي، واسبابه، وهل انه عائد لمعطيات مجهولة المصدر، أو أنه يخشى أمرا ما؟ هل يخشى البطريرك الماروني من ردات فعل لدى بعض الاوساط المسيحية التي لا تريد تأييدا واضحا للفلسطينيين بذريعة أن هذا التأييد هو دعم لحركة “حماس” المدعومة بدورها من إيران. كذلك، فإن هذه الاوساط ترى أن موقفا بطريركيا مارونيا مدينا لجرائم الاحتلال الاسرائيلي في غزه، يصب في مصلحة” حزب الله”.
الاوساط القريبة من بكركي تمتنع عن الإجابة على هذه التساؤلات، داعية الى عدم التوغل في الاستنتاج واستباق الأمور. مؤكدة أن الراعي سوف يتكلم عن كل شيء، وسوف يجيب على كل الأسئلة لدى عودته ليس من باب التبرير، بل من باب الايضاح. في اي حال يصر مراقبون على القول أن المدافعين عن أداء البطريركية المارونية في هذه المحنة لا يملكون حجة متينة لأن غيابها غطى على اي شيء، وفتح الباب واسعا أمام تكهنات شتى بصرف النظر عن صحتها من عدمها.
وفي اي حال طالت “غيبة صاحب الغبطة” في عز الازمة المصيرية التي تعصف بلبنان، ولا يمكن أن يتصرف وكأن شيئا لم يحصل.
Related Posts