أزمة النّزوح السّوري تتفاقم.. والتنسيق الدّاخلي والخارجي غائب!… عبدالكافي الصمد

منذ نحو شهر تقريباً، يكاد لا يمرّ يوم بلا الحديث عن مخاطر النّزوح الجديد للنّازحين السّوريين إلى لبنان، وتزايد أعدادهم بشكل لافت للإنتباه ومثير للقلق، نظراً لأنّ أعدادهم كبيرة جدّاً، وتنذر بأن يُرخي ثقلهم أعباء على لبنان لا قدرة له على تحمّلها، لا إقتصادياً ولا مالياً ولا إجتماعياً، في ظلّ الإنهيار الحاصل الذي يعانيه، والشّلل السّياسي الذي يجعله يرزح تحته البلد ويجعل أيّ تدبير لمواجهة موجة النّزوح الجديدة غير متوافر.
وأعطت المواقف والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون سياسيون وأمنيون وخبراء ومراقبون حول النّزوح السّوري الجديد إلى لبنان، إنطباعاً واسعاً بأنّ كلّ طرف يرى الأزمة من وجهة نظره فقط، ومن زاوية ضيقة، من غير أيّ تنسيق مع الأطراف الأخرى لتوحيد النظرة إلى الأزمة وكيفية معالجتها.
فالطرف الذي تناول الأزمة من زاوية ضرورة ضبط الحدود والمعابر غير الشّرعية، يُدرك في قرارة نفسه أنّ هذه الحدود لم تكن يوماً مضبوطة، منذ نشأة دولة لبنان الكبير عام 1920 واستقلاله عام 1943 وصولاً إلى اليوم.
ويعرف أيضاً بأنّ لا قدرة للجيش على ضبط الحدود التي تحتاج لهذا الغرض إلى 12 ألف جندي ليس متوافراً منهم إلّا أقل من ألفين. وبالتالي فإنّ الدعوة إلى ضبط الحدود ومراقبة المعابر غير الشرعية، إمّا أنّها تُعبّر عن جهل أصحابها بما يحصل على أرض الواقع وعدم معرفتهم جيداً بالتاريخ والجغرافيا بين لبنان وسوريا، وإمّا أنّها لا تعدو كونها مواقف شعبوية تعبّر عن خلفيات سياسية معينة ورؤية ضيقة.
والطرف الذي يشكو من تداعيات النّزوح السّوري، القديم والجديد منه، لا يغيب عنه أنّ لبنان لا يمتلك القدرة على استيعاب أعدادهم قياساً بمساحته وعدد سكّانه. لكنّ أسئلة تطرح في هذا المجال، أبرزها: ماذا فعلت الدولة لمواجهة هذا النزوح، وأين هي خطتها بالرغم من مرور أكثر من 12 عاماً على بدء موجات النزوح، وأين هي الأموال التي تأتي إلى هؤلاء النازحين من هبات ومساعدات وتقديمات، ولماذا يكثر الحديث عن فساد وعمليات نهب وسرقة لها من غير توضيح ونفي، ومن غير أن تقوم السّلطة بإجراءات لضبط هذه الأموال لتخفيف عبء النّازحين على لبنان، قبل أن تطالب بالحصول على مزيد من هذه الأموال؟
أمّا المخاوف من تداعيات النّزوح السّوري ومخاطره على الوضع الأمني الهشّ، والحديث عن مخاطر توطين أكثر من مليوني نازح سوري في لبنان، وأن يتحوّل لبنان بسببهم إلى “منصّة” للهجرة غير الشّرعية بحراً نحو أوروبا، فإنّها لم تدفع السّلطات والأحزاب والنخب السياسية وغيرها في لبنان إلى وضع أفكار وخطط عملية لمواجهتها، ولا الذهاب إلى دمشق للتشاور والتنسيق مع حكومتها لمعالجة المشاكل المتعدّدة الناجمة عن موجات النّزوح المتتالية، ولا أيضاً الذهاب إلى الدول العربية والغربية المعنية والقادرة على تقديم المساعدة في هذا المجال، بل يكتفون بالصراخ والعويل السّياسي، ووضع الرؤوس في الرّمال.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal