اسابيع مفصلية يدخلها لبنان مع تجاوز الايام الاولى من شهر ايلول، يفترض ان يتضح خلالها مصير الازمة الرئاسية، ومعها مصير باقي الازمات المتشعبة، وعلى رأسها الازمة المالية التي من المرجح ان تستفحل مع مغادرة المغتربين اللبنانيين، واصرار حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري على وقف تمويل الدولة.
وكما هو متوقع، بدأ شد الحبال والتصعيد باكرا بين القوى المتصارعة لبنانيا، لاستشعارها ان هذا الشهر سيحدد معالم المرحلة المقبلة. وهو ما دفع رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع يوم امس، الى رفع السقف وشن هجوم مباشر على حزب الله، ومعه هجومات متفرقة اقل حدة على قوى رفضت خوض المواجهة المستجدة في صفه، كما على “التيار الوطني الحر” الذي يخشى ان يؤدي تفاهمه من جديد مع حزب الله الى قلب الطاولة، من خلال تأمين الاصوات اللازمة لفوز رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بالسباق الرئاسي.
جعجع مأزوم؟!
وخلال احتفال شعبي لاحياء ذكرى شهداء “المقاومة اللبنانية”، أعلن جعجع صراحة رفض الحوار الذي دعا اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ولفت في خطاب جعجع توجهه الى باريس من دون ان يسميها قائلا: “إلى أصدقاء لبنان في الخارج الذين يحاولون مساعدته، خصوصاً من يتمتّعون بتاريخ طويل من الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ووجود دولة فعلية وحسن سير مؤسساتها، نقول بكل صراحة ومحبة، كنّا ننتظر منهم مساعدة أكثرية اللبنانيين الذين يتشاركون معهم القيم نفسها لبناء دولة ومؤسسات فعلية في لبنان، وكي يسود حكم الدستور والقانون، بدءاً من انتخاب ديموقراطي وفعلي لرئيس الجمهورية في المجلس النيابي اللبناني، تبعاً لما يقتضيه الدستور”. علما ان معراب كانت قرأت بايجابية مواقف الرئيس الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة التي هاجم فيها ايران واثارت امتعاض حزب الله.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ “الديار” ان “سهام جعجع كما عدم حماسة “الثنائي الشيعي” للدور الفرنسي بعد كلام ماكرون، عوامل تؤكد ان مهمة لودريان الجديدة انتهت قبل ان تبدأ، ما يرجح ان تكون زيارته المقبلة صورية ولرفع العتب”.
الراعي منسجم مع بري؟
ولفت يوم أمس ايضا، كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بدا في عظة الاحد متجاوبا تماما، بخلاف “القوات” و”الكتائب”، مع مبادرة بري الاخيرة. اذ قال ان “الحوار المدعوون اليه نواب الامة اذا حصل على الرغم من التجاذبات، انما يقتضي ايضا المجيء اليه دون احكام مسبقة ودون فرض الافكار والمشاريع، ويقتضي ايضا روح التجرد من المصالح الشخصية والمذهبية واعتماد الدستور ، واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه، كما يقتضي الصراحة والاقرار بالاخطاء الشخصية، والبحث عن الحقيقة الموضوعية التي تحرر وتوحد”.
مع العلم ان الراعي نفسه كان قد اعتبر الشهر الماضي ان “الحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت لانتخاب رئيس للجمهوريّة”، ما اوحى وقتذاك برفضه مبدأ الحوار قبل انتخاب رئيس.
وكما هو متوقع لم تلاق المعارضة بايجابية موقف الراعي الجديد. وقالت مصادرها لـ “الديار”: “بغض النظر عن موقف بكركي الذي نرفض تحميله اكثر مما يحتمل، ما دام البطريرك اصر على تطبيق بنود الدستور، موقفنا ثابت وجازم وهو رفض الجلوس مع حزب الله حول طاولة واحدة لمحاولة اقناعنا بمرشحه، ونحن ماضون في المواجهة حتى الرمق الاخير”. وكان جعجع ردد في خطابه امس اكثر من مرة عبارة “عبعبدا ما بفوتوا”.
وبحسب مصادر مطلعة، فان “خطة المعارضة الحالية تنحصر بالسعي الى اقناع مزيد من النواب للانضمام الى تكتل النواب الـ31 الرافض للحوار”، لافتة في تصريح لـ “الديار” الى ان “كل العصف الذهني المستمر منذ اسابيع لم يصل الى نتيجة لجهة صياغة خطة واضحة للمواجهة، وبخاصة ان الخشية من سير حزب الله بالمقايضة التي طرحها باسيل تكبر مع مرور الايام، وما يرشح عن امكان سير الحزب ومعه بري باللامركزية الموسعة التي يطرحها العونيون”.
منصوري في السعودية
في هذا الوقت، توقف كثيرون عند الزيارة التي بدأها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الى السعورية، والتي توجه اليها برفقة سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة والمدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، تلبية لدعوة رسمية لحضور “فعاليات المؤتمر المصرفي العربي”، من تنظيم “الاتحاد العربي للمصارف” مع المصرف المركزي السعودي، تحت عنوان “الآفاق الاقتصادية العربية في ظل المتغيّرات الدولية”.
وقالت مصادر معنية لـ “الديار” انه “وبخلاف من يعتقد انها زيارة عابرة، الا ان لها رمزيتها الكبيرة في هذه المرحلة، التي يحاول فيها منصوري تثبيت اسس جديدة في سياسات “المركزي”، وكلنا يعلن الدور المنشود الذي يؤمل ان تؤديه المملكة في عملية نهوض لبنان”.
عين الحلوة… استنفار مستمر
امنيا، وبعد خطوة اعتبرت انها قد تؤدي الى تفعيل مسار التهدئة، لجهة تفكيك “فتح” دشمة في الشارع الفوقاني مقابل حي الصفصاف، لتسهيل مرور الناس في مخيم “عين الحلوة”، قالت مصادر فلسطينية رسمية داخل المخيم لـ “الديار” ان “هذه الخطوة كانت كبادرة حسن نية، الا ان الوضع لا يزال على حاله لناحية الاستنفار، ورفض اي حل لا يلحظ تسليم المتشددين قتلة قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء محمد العرموشي “أبو أشرف” ومرافقيه، وهو ما يرفض هؤلاء الخضوع له، ما يضعنا امام مجموعة سيناريوهات ستتضح قريبا”.
ومساء افادت معلومات “الديار” ايضا عن ازالة دشمة اخرى من قبل حركة “فتح” عند المدخل الجنوبي للمخيم.
المصدر: الديار
Related Posts