بين السيادة والخنوع.. خط كرامة!… ديانا غسطين

يندفع لبنان اكثر فأكثر نحو التأزم السياسي. لكنه هذه المرة فيه الكثير من السياسة والقليل من الحرب المعلقة. هذا الواقع كشفته السجالات التي تبدأ من نيويورك حيث مقر الامم المتحدة وصولا الى بيروت حول التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل)، ومنطقة عملياتها في الجنوب تثبيتاً او تعديلاً.
ما تريده الامم المتحدة هو تعديل لصالح اعطاء هذه القوات حرية عمل اوسع. اما ما يريده لبنان الرسمي ومن ورائه المقاومة فتثبيتاً لما هو قائم.
الجدل المثار يتعلق بالقرار 1701 الصادر عام 2006، والداعي إلى حل النزاع بالطرق السلمية، وهناك خمس مواد هي الاكثر جدلاً كونها تتصل بالعمل الميداني لهذه القوات التي جربت حيناً التحرك منفردة فكان ان ووجهت ب “اشكالات مع الاهالي” آخرها افضى الى قتيل من الكتيبة الايرلندية، وفي الوقت عينه صار لحزب الله خيمتان على الحدود مع فلسطين المحتلة.
المسألة الحارة في النقاش هي اقتراح وضع القرار تحت “الفصل السابع”، الامر الذي رفضه لبنان الرسمي في اتصال بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخاجية عبدالله بو حبيب، المتواجد في نيويورك، والذي ابلغ المعنيين رفض بلاده لمسودة مشروع قرار التجديد لليونيفيل المطروحة، “كونها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنص إتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة بالـ SOFA”. واعتبر بو حبيب أن “التجديد السنوي للقوة الدولية في الجنوب يأتي بطلب من الحكومة اللبنانية”.
فماذا يعني نقل القرار من الفصل السادس الى السابع وما هي تداعيات هذه الخطوة على الوضع في الجنوب؟
في السياق، يقول الاستاذ في القانون الدولي حسن جوني ان “نقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس الى السابع خطير جداً، كون انشاء قوات الطوارئ جاء تحت الفصل السادس الذي انضوى تحته ايضاً القرار 1701”.
ويضيف: “اي قرار يصدر عن مجلس الامن يأتي في ديباجته تحت اي فصل ينتمي، وعليه ما يقوله البعض عن فصل “سادس ونصف” مجرد هرطقات وكلام غير قانوني”. مذكراً بما حصل في العراق لجهة التدخل الخارجي بالشؤون الداخلية بشكل قوي جداً.
وعن الفرق بين الفصلين السادس والسابع فيشير جوني “ان مجلس الامن يتخذ القرارات تحت الفصل السابع عندما يرى ان ما يحصل في بلد ما يهدد السلم والامن الدوليين”.
ويتابع: “ما يجب الانتباه اليه، هو ان القرارات التي تأتي تحت الفصل السابع تعطي مجلس الامن بحسب الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الامم المتحدة، حق التدخل في الشؤون الداخلية للبلد. وبالتالي وجود قوات اليونيفيل تحت الفصل السابع، فيما بعد ان حصل، قد يؤدي اما الى اتخاذ عقوبات بحق البلد او تدخل في شؤونه الداخلية. هذا امر مستبعد ولكننا نتحدث من حيث النص. اذ الاكيد ان هناك دولاً صديقة (روسيا والصين) لن تسمح لمجلس الامن بالتدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية وستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد القرار”.
ويرى جوني ان “نقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس الى السابع انتهاك لميثاق الامم المتحدة، لان القرارعندما يصدر على اساس الفصل السادس فله ظروف ومعايير، وكذلك الامر بالنسبة للقرارات الصادرة عن الفصل السابع.
ويعتبر انه “يمكن لمجلس الامن ان يتخذ قراراً جديداً لا يتعلق بالتمديد لليونيفيل، بل بإعطائها دوراً جديداً على اساس الفصل السابع”. غير انه ينفي هذه الفرضية “بسبب وجود قوة صينية كبيرة في عداد اليونيفيل وقوية جداً. وبلادها لن تقبل الانجرار وراء توريط اليونيفيل في قضايا متعلقة بالصراع الدائم في المنطقة”.
وحول ما طرح في مسودة مشروع التجديد لليونيفيل عن عدم التعاون والتنسيق مع الجيش، فيؤكد انه “لا يمكن لاي قوة اجنبية متواجدة بشكل غير عدواني على الاراضي اللبنانية الا ان تتعاون مع الجيش اللبناني في تحركاتها. والخطوة التي يريدونها مرفوضة من حيث احترام لبنان وسيادته واحترام الجيش. كما انها تنطوي على خطورة كبيرة اذا حصلت، وستؤثر على قوات اليونيفيل نفسها، لحساسية الوضع في الجنوب لناحية عادات القرى وتقاليدها. وبالتالي تنسيق اليونيفيل مع الجيش هو اولاً: حماية لها في مختلف تحركاتها منعاً لاي صدام مع الاهالي كما حصل في السابق وحرصاً على عدم تكرار حادثة العاقبية. ثانياً: احترام للسيادة اللبنانية وثالثاً: احترام للجيش اللبناني المتواجد على الحدود والمسؤول الاول عن حماية تلك المنطقة كونه صاحب القرار العسكري في تلك المنطقة”.
ويردف قائلاً: “المناورة التي تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية لن تنجح والخطأ الذي حدث العام الماضي (اعطاء اليونيفيل حق التحرك من دون معرفة الجيش اللبناني) لن يتكرر. ووزارة الخارجية مصرة على تصحيحه والغاء هذه المادة، وهذا امر طبيعي فليس هناك اي دولة في العالم تقبل بوجود قوات اجنبية على اراضيها من دون موافقتها والتعاون مع جيشها، لا سيما مع تواجد مقاومة – كما هو الوضع في لبنان والتي في الاساس وجودها شرعي محلياً ودولياً، ما يرتب على القوات الدولية مزيداً من التعاون مع الجيش لانجاح مهمتها في المنطقة”.
ورداً على سؤال حول امكانية انسحاب قوات اليونيفيل من الجنوب فيجيب جوني “قوات الطوارئ متواجدة في الجنوب ضمن اتفاق دولي، ولكن من المستبعد ان نرى انسحاباً، لان دورها مهم جداً من جهة، ومن جهة ثانية رغبة الاميركيين والفرنسيين ببقاء هذه القوات منعاً لحصول فوضى في المنطقة الجنوبية والتي اذا ما حصلت لن تكون لصالح العدو الاسراائيلي” .
اذاً، بانتظار جلسة مجلس الامن يوم الخميس المقبل، يبقى الرهان على ثبات وصلابة الموقف اللبناني الرسمي بالاتفاق مع الدول الصديقة لمنع التدخلات الخارجية في الشؤون اللبنانية اذ ان بين السيادة والخنوع “خيط كرامة” لا بد لوطن دفع دماً دفاعاً عن ارضه ان يحافظ عليه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal