اقترب التنقيب في لبنان.. فهل سيظهر الغاز؟

كتبت صحيفة “الجمهورية”: بعد رحلة زمنية استمرت لسنوات طويلة، تخلّلها مدّ وجزر، ومطبّات وعثرات وتجاذبات، ومزايدات، ومشاحنات حول صلاحيات، ومماطلات اسرائيلية، حطّت عبّارة الحفر والتنقيب عن النفط والغاز «ترانس اوشن» أمس في البحر اللبناني، وتمركزت في البلوك رقم 9، لتعزّز الأمل بانتقال لبنان إلى الاستفادة الفعلية التي طال انتظارها، من ثروته الغازية والنفطية المدفونة تحت الماء، التي تشكّل بما لا يقبل أدنى شك، الفرصة الوحيدة التي يملكها، للنجاة من أزمته، او بمعنى أدق، من أزماته الصعبة وتعقيداتها واحتواء تداعياتها.

بوصول عبّارة الحفر والتنقيب، التي ستثبتها شركة «توتال» الفرنسية على سطح البلوك رقم 9، في غضون ايام قليلة بين الاسبوع و10 ايام وفق تقديرات الشركة، تكتمل خطوة اساسية ومهمّة جداً في هذا المسار، على أن يبدأ العمل الجدّي فور اكتمال تثبيتها وتجهيزها، تسبقه احتفاليّة جامعة على ظهر العبّارة، اما في 22 آب الجاري او في 29 منه، بمشاركة رسمية وممثلين عن الشركة والوسيط الاميركي في هذا الملف آموس هوكشتاين.

مخزون واعد

العبرة بالتأكيد، ليست في بدء الحفر والتنقيب والتوقعات بوجود مخزون واعد، بل انّ العبرة تبقى في العثور على الكنز البحري من النفط والغاز، وكيفية استخراجه واستثماره. فتقديرات شركة «توتال» تفيد بأنّ الحفر والتنقيب سيبدأ عملياً بعد ايام قليلة، والفترة المقدّرة للتأكّد من وجود غاز ونفط، وتقدير حجم المخزون، تمتد ما بين شهرين ونصف او ثلاثة اشهر، فيما تجمع خلاصات مسح دولية للمنطقة، ودراسات الخبراء في المجال النفطي على انّ البلوك رقم 9 يكتنز على ثروة ضخمة من الغاز الطبيعي تتجاوز قيمتها المئة مليار دولار – بعض المبالغين في التفاؤل، يتحدثون عن ارقام أعلى بكثير من القيمة المقدّرة – ما يمكّن لبنان بالتأكيد من تجاوز ازمته المالية وإنعاش اقتصاده.

واكّدت مصادر متابعة لملف النفط والغاز منذ بدايته عبر «الجمهورية»، انّ «التقديرات بوجود مخزون من الغاز والنفط، ليست مبنية على افتراضات شكلية، بل على مسوحات جدّية تعود الى سنوات طويلة، والذاكرة تسجّل الشركة الاميركية «نوبل للطاقة» التي سبق لها ان اكتشفت كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، تبلغ مساحته 83 ألف كم مربع، وهي تترامى في منطقة المياه الإقليمية لكلّ من سوريا ولبنان وقبرص وفلسطين».

ولفتت المصادر الى أنّ «الجواب الأكيد حول حجم هذا المخزون ستأتي به شركة «توتال» في نهاية مرحلة التنقيب، وبناءً على تلك التقديرات، يُنتظر ان يأتي هذا الجواب بمخزون واعد، بات على باب الاستخراج، وساعتئذ، يمكن القول بأنّ فرصة الإنفراج الاقتصادي قد بدأت تلوح امام لبنان».

بري: ارتياح بالغ

رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يولي هذا الملف، عنايةً خاصة، واكب مسار العبّارة منذ لحظة انطلاقها في اتجاه البحر اللبناني، وحتى وصولها بالأمس الى البحر اللبناني، واعرب عبر «الجمهورية» عن بالغ ارتياحه من اقتراب هذا الملف من مرحلة التنقيب الفعلي، معلّقاً املاً كبيراً على أن تكون نتائج هذا التنقيب في البلوك رقم 9 واعدة، وتوفّر فرصة استفادة كبرى للبنان.

على انّ الأكيد في رأي بري، أنّه «إن ظهر ما نرجوه من هذا التنقيب، فإنّ استفادة لبنان من استخراج الغاز والنفط حتمية، حتى ولو تأخّر ذلك بعض الوقت، فالمهم في النهاية هو ان يأكل لبنان عنب النفط والغاز».

معلوم انّ بري قد أخذ على عاتقه شخصياً، متابعة ملف النفط والغاز في الحدود البحرية للبنان، لسنوات طويلة، وخاض في سبيله جولات من المشاحنات والمماحكات والتباينات والانفعالات والحدّة في النقاش مع حبل طويل من الموفدين الاميركيين في هذا الملف؛ فريدريك هوف، آموس هوكشتاين، ديفيد ساترفيلد، جون ديروشر، ديفيد شينكر، وثم آموس هوكشتاين مرة ثانية، يُضاف اليهم مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل. وانتهى ذلك الى «اتفاق الإطار» الذي اعلنه بري من بيروت، والذي على أساسه تمّ توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بوساطة اميركية.

«توتال»

وكانت عبّارة الحفر والتنقيب قد وصلت صباح امس، واعلنت شركة «توتال إنيرجيز» (مشغل الرقعة رقم 9)، عن وصول منصّة الحفر Transocean Barents إلى الرقعة على بعد حوالى 120 كيلومتراً من بيروت في المياه اللبنانية، إلى جانب وصول أول طائرة هليكوبتر إلى مطار بيروت. وهذه المروحية، التي تديرها شركة Gulf Helicopters، بعد أن تعاقدت معها شركة «توتال إنيرجيز»، ستنقل الفرق إلى منصّة الحفر.

واشارت الشركة الى أنّ «وصول الآليتين يشكّل خطوة مهمّة في التحضير لحفر البئر الإستكشافية في الرقعة رقم 9 الذي سيبدأ في أواخر شهر آب 2023. كما جرت زيارة ميدانية في 16 آب في مطار بيروت بحضور وزير الطاقة والمياه وليد فياض ووزير الأشغال العامة والنقل علي حميه، إلى جانب ممثلين عن هيئة إدارة قطاع البترول. وشكّلت هذه الزيارة فرصة للتذكير بأنّه تمّ العمل وفقًا لجدول العمليات والتقدّم بالأنشطة وفقًا للإلتزام الذي تعهّد به الشركاء في كانون الثاني 2023».

وختم البيان: «إنّ «توتال إنيرجيز» للاستكشاف والإنتاج موجودة في لبنان منذ العام 2018، وهو العام الذي تمّ فيه توقيع اتفاقيتيْ الاستكشاف والإنتاج للرّقعتيْن رقم 9 و4. بصفتها المشغّل لهاتيْن الرّقعتيْن أنهت شركة «توتال إنيرجيز» أوّل بئر استكشافيّة تمّ حفره على الإطلاق في المياه اللبنانيّة العميقة، في الرّقعة رقم 4 في أوائل العام 2020. وفقًا لالتزاماتها التعاقديّة مع شريكتيْها «إيني» و»قطر للطاقة»، تستعدّ «توتال إنيرجيز» لحفر بئر ثانٍ. وسيتمّ حفر البئر في الرّقعة رقم 9 خلال العام 2023».

الى ذلك، قام وزيرا الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال علي حميه ووليد فياض أمس، بزيارة ميدانية الى القاعدة اللوجستية التي تمّ اعتمادها في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت، لإقلاع وهبوط طائرة الهليكوبتر، والمخصّصة لتقديم الخدمات من والى منصّة الحفر للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، في حضور المدير العام للاستكشاف والانتاج في شركة «توتال» رومان دو لا مارتنير.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal