اختتم مؤتمر روما حول الهجرة غير النظامية الذي عقد بدعوة من رئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ودعا فيه القادة المشاركون إلى إقامة شراكات والتعاون الأمني للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، في حين دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى اعتبار الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن الهجرة “نموذجا”.
حضر المؤتمر قادة من المنطقة، والاتحاد الأوروبي، والمؤسسات المالية الدولية، لكن لم ترسل كل من فرنسا وإسبانيا ممثلين عنهما مما اضعف الموقف الايطالي شيئا ما بخاصة وان دولا كألمانيا وبولندا والمجر تحفظت عليه.
وأبرز ما جاء في كلمات القادة كان كلام رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني التي قالت: “إن الهجرة غير النظامية نحو أوروبا تديرها عصابات الاتجار بالبشر التي تستغل ظروف المهاجرين، وتصور لهم الرحلة إلى أوروبا رحلة أمل”.
ودعت إلى “تعزيز التعاون الأمني مع السلطات القضائية في مختلف الدول وتشديد التشريعات لردع المهربين لمنعهم من الانتقال من مكان إلى آخر”.
ومن الوفود العربية، تحدث رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة عن آلية التعاون القائمة بين حكومته والحكومة الإيطالية، ودعا “لإنشاء آليات دولية مشتركة لا تقوم على المبادرات الفردية”. وقال إن بلاده “تحتاج إلى شراكة حقيقية مع الدول الأوروبية لمعالجة ملف الهجرة”، وإن ليبيا “بلد عبور وليست بلد تصدير للهجرة”، مؤكدا أنهم لن يقبلوا “بتوطين أي مهاجر في ليبيا”.
ولفت الرئيس التونسي قيس سعيد إنه “لا يمكن حل قضية الهجرة غير النظامية من خلال تحركات منفردة”، واصفا الهجرة غير النظامية بأنها “من أشكال العبودية الحديثة”. وانتقد “سياسات الغرب تجاه أفريقيا”، داعيا إلى “إلغاء ديون دول القارة وإنشاء صندوق دولي لدعمها من جانب المانحين”. وقال: “هناك بيع للأسلحة للدول الأفريقية لتغذية النزاعات، بينما بالإمكان استغلال كل هذه الثروات المهدورة في السلاح للقضاء على المجاعات في أفريقيا”، متسائلاً: “من أين تأتي أموال السلاح وفي الوقت نفسه لا توجد أموال لزرع الأمل في هذه الدول؟!. علينا تخصيص صندوق دولي جديد يجري تمويله من الدول المانحة، وكذلك السعي إلى إلغاء الديون التي تثقل كاهل الدول الأفريقية”.
وقال رئيس الوزراء الاردني بشر هاني الخصاونة: “إن عبء استضافة اللاجئين بدأ يضغط علينا في الأردن وعلى الدول المضيفة لها، نتيجة تضاؤل الدعم الدولي المقدم للاجئين بمعدلات خطيرة”. وأشار إلى أن “التمويل الدولي لخطة استجابة الأردن للأزمة السورية بلغ هذا العام 6.8% فقط، في حين كان في العام الماضي 33%، مقارنة بنحو 64% في عام 2016”. أضاف: “”اللاجئون هم ضحايا أزمة شرسة لم يتم حلها بعد. لقد فعلنا كل ما في وسعنا للتأكد من أنهم لن يصبحوا أيضاً ضحايا الحاجة واليأس، لكن لا يمكن ولا ينبغي أن تكون هذه مسؤوليتنا وحدنا، لأنه أعلى بكثير من قدرتنا”.
أما رئيس دولة الامارات محمد بن زايد ال نهيان فأعلن “مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير النظامية ويتضمن ذلك دعم المبادرات المطروحة في “مسار روما”.
وقال: “إن المؤتمر يؤكد رغبة دولنا في تعزيز التعاون والتكامل والعمل المشترك بشأن قضيةٍ دوليةٍ على درجة كبيرة من الأهميةِ والحساسية وهي قضية الهجرة غير النظامية بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الاستقرار والتنمية والازدهار”.
أضاف: “إن المؤتمر يعقد في مرحلة هامة يمر بها العالم تتطلب مزيداً من التكاتف والتضامن بين دوله.. ونحن في دولة الإمارات نؤمن إيماناً راسخاً بأن العمل الجماعي الدولي وبناء جسور التعاون بين مختلف دول العالم السبيل لمواجهة التحديات العالمية المشتركة والارتقاء بالإنسان وضمان مستقبل مزدهر للأجيال المقبلة”.
وأكد أن “التعامل مع حالات النزوح، من لجوءٍ أو هجرة، يتطلب تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة المسببات الرئيسية عبر جهود تنموية شاملة وتعاون وثيق بين جميع الدول المتأثرة والتي تشمل دول المصدر والعبور والدول المستضيفة للاجئين والمهاجرين، إضافة إلى دعم الأجهزة والمبادرات الأممية والإقليمية للبناء على ما تم تحقيقه سابقاً في مواجهة هذه التحديات”.
ومثّلت دولة قطر في المؤتمر، وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية لولوة بنت راشد الخاطر، التي قالت: “إن دولة قطر تولي اهتماماً كبيراً للوصول الى حلول دولية عملية وإنسانية شاملة لقضية الهجرة والمهاجرين، تستند إلى مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.”.
وأكدت أن دولة قطر “على قناعة تامة أن الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية هي اقتصادية وأمنية بالدرجة الأولى”، مضيفةً أنه “استناداً إلى العلاقة بين الهجرة غير النظامية ونقص التنمية فإن دولة قطر ما تزال تستثمر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في عدد كبير من البلدان النامية والبلدان الأقل نمواً، ضمن صيغ التعاون الثنائي والإقليمي ، من أجل بناء مجتمعات آمنة ومستقرة”.
وأوضحت أن دولة قطر “كان لها تجربة مع الإجلاء من أفغانستان عام 2021 ، حيث وفّرت للمهاجرين الأفغان الذين تجاوز عددهم المئة ألف متطلبات الحياة الكريمة لحين جمعهم مع عائلاتهم”، مشيرةً إلى أن قطر “ما زالت تواصل جهودها لإعادة الاستقرار إلى أفغانستان، كما طالبت مراراً بوجود آلية وضمانات دولية توفر بيئة آمنة للأشقاء اللاجئين السوريين وخلق شروط وضمانات يمكن أن تسمح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم”.
الكويت
ومثل دولة الكويت وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله فألقى كلمة قال فيها: “إن الكويت ترى أهمية معالجة الأسباب الجذرية لهذه القضية الإنسانية، فالفراغ السياسي والاضطرابات المصاحبة له فضلا عن الركود الاقتصادي وما ينتج عنه من تصاعد لمعدلات البطالة وحدة الفقر الذي تشهده بعض الدول يشكل أرضا خصبة لتزايد ظاهرة الهجرة غير المنظمة والاتجار بالبشر، مما يتطلب توحيد الجهود لدعم دول المنشأ لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها”.
أضاف: “في هذا السياق، أود أن أشدد على الدور المهم الذي تقوم به الكويت في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية من خلال مؤسساتها وعلى وجه الخصوص دور الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في تحقيق الجهود الإنمائية للعديد من الدول عبر تمويل مشاريعها الإنمائية وتنفيذ برامجها التنموية، إذ يمثل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية إحدى ركائز الكويت في علاقاتها مع دول العالم”.
Related Posts