لا يزال الوضع المالي العام يتصدّر المشهد السياسي، وسط جمود يسيطر على الملف الرئاسي. فكانت بارزة خطوة القضاء الفرنسي امس، بإلقاء الحجز على الأموال والممتلكات العائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك وصديقته آنا كازاكوفا لمصلحة الدولة اللبنانية.
وفيما اعتبرت بعض المصادر ان القرار الفرنسي يعد الخطوة الاولى في مشوار استعادة الاموال المنهوبة واموال المودعين، تتجه الانظار الى وزارة المالية التي بات بحوزتها مسودة اولية لتقرير شركة الفاريز اند مارشال، والذي يتضمن نتيجة التدقيق الذي اجري في حسابات مصرف لبنان. واشارت المعلومات الى ان التقرير النهائي سيتسلمه وزير المالية في غضون اسبوعين بحسب مقتضيات العقد الموقع بين الدولة اللبنانية وشركة التدقيق.
الى ذلك، يستمر التداول في خلاصات تقرير صندوق النقد الدولي الاخير حول لبنان، والذي اعلن خلاله ارتفاع الدين العام اللبناني الى 550% بحلول العام 2027 اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، مبدياً اسفه لعدم التزام القيمين على الحكم بنصائح الصندوق، ومعتبراً ان الاجراءات الاصلاحية المالية كانت دون التوقعات.
وفي سياق متصل، يقسم الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث الى “سفير الشمال”، تقرير صندوق النقد الدولي الى شقين. “الاول توصيفي يخبر عن المسار الذي عاشه لبنان منذ بدء الازمة الى اليوم، ويعتبر ان انكماشاً اقتصادياً بنسبة 40% قد ترتب عن هذه الازمة. اضف الى الانهيار الحاصل بسعر الصرف والذي ادى الى خسارة الليرة اللبنانية 98% من قيمتها، وتداعياته على الاقتصاد اللبناني بشكل تام. كما لا يغفل أزمة الكهرباء وتأثيرها السلبي على الوضع الاقتصادي”.
اما الشق الثاني، فيرى مارديني انه مرتبط بالحلول “اذ يشدد التقرير على انه اذا ما استمر لبنان بالنهج الحالي اي غياب الاصلاحات، فإن النتيجة ستكون مزيداً من التضخم وانهيار في سعر صرف العملة الوطنية، كما سينعكس ذلك ارتفاعاً اضافياً في هجرة الادمغة وتوسعاً للطبقات الفقيرة، إضافة الى انعدام قدرة القطاع المصرفي على تمويل العجلة الاقتصادية”.
ويعتبر الخبير الاقتصادي انه “ليس لدينا ترف الوقت للاستمرار بالتلكؤ في معالجة المشكلات الراهنة، وبالتالي لا بد من البدء بالاصلاحات المالية للخروج من الازمة”.
اذاً، كل الدروب توصل الى “تنفيذ فعّال للاصلاحات المالية والاقتصادية” طريقاً اوحداً لانقاذ البلاد من كبوتها المالية. الامر المطلوب ليس فقط من الجهات العامة الرسمية المعنية بالشأن المالي، بل ايضاً من القطاع المصرفي. فهل من يتلقف هذه الدعوات ويبادر الى اجتراح الحلول ام ان الاوان قد فات؟..
Related Posts