ليس صدفة ان يُعتدى على محمية جزر النخل، وخصوصا على جزيرة الارانب بإضرام النار ببرج مراقبة الطيور الذي يستطيع الخبراء من خلاله مراقبة انواعها واوقات استراحتها خلال هجرتها.. فالاعتداء جاء بعد اسبوع واحد على زيارة وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين الى الجزيرة إيذانا بإنطلاق الموسم الصيفي وتأكيده على ان وزارة البيئة جادة في تطوير هذه المحمية تمهيدا لجعلها قبلة سياحية لبنانية وعربية ودولية.
كما جاء الاعتداء بعد إعلان رئيس لجنة المحمية المهندس عامر حداد عن برنامج سينفذ مع الجهات المانحة لايجاد منشآت صديقة للبيئة والعمل على تفعيل الحركة السياحية ضمن الجزر وبالتالي تقديم المزيد من الخدمات لروادها وايجاد المزيد من فرص العمل عليها، وتأمين الحراسة المطلوبة بإقامة نقاط للجيش وقوى الامن الداخلي لضبط الامن ومنع الاعتداءات التي قدمت نموذجا عنها يوم أمس.
لا شك في أن محمية جزر النخل وبالرغم من قانون الحماية الصادر في العام 1998، لم تلق الاهتمام الرسمي اللازم، في حين لو انها كانت هذه المحمية قبالة اي ساحل لبناني آخر غير ساحل ميناء طرابلس مع أخواتها الست (تسع جزر طبيعية ثلاث ضمن المحمية) لتم تحويلها الى واحدة من أهم المنتجعات الدولية، الا ان الاهمال اللاحق بطرابلس محليا ورسميا جعل هذه الجزر مرتعا للاعتداءات والسرقات ورمي النفايات حيث باتت لجنة المحمية التي تسعى في كل موسم صيف الى التطوير وتأمين التجهيزات على موعد سنوي ودائم مع السرقات والاعتداءات نظرا لبقاء هذه الحماية حبرا على ورق ولم تترجم اقله بإيجاد نقطة أمنية للحماية ولوضع حد لما يحصل.
فكيف يمكن لبقعة بحرية تبعد عن الشاطئ مسافة خمسة كيلومترات ان يلتقي فيها خلال فصل الصيف المئات من الرواد ومن مختلف الفئات والطبقات بشكل يومي وتبقى من دون حماية أمنية ومتروكة لشريعة الغاب؟، كيف يمكن ان يصار الى تطوير جزر المحمية وكلما قامت اللجنة بتأمين التجهيزات اللازمة لها يصار الى تفكيكها وسرقتها؟، وكيف يمكن ان تشكل المحمية عامل جذب للرواد والنفايات تغزوها بفعل عدم الوعي والادراك من قبل بعض الذين يرتادونها ويشوهون صورتها من دون حسيب أمني أو رقيب بلدي؟.
بالأمس، تجرأت أيدي الشر وتمادت أكثر فأكثر على محمية جزر النخل وصولا الى إضرام النيران فيها عن سابق تصور وتصميم لأسباب ما تزال مجهولة، لكنها حتما تهدف الى ضرب الموسم السياحي فيها او تعطيل اي عمل إنمائي عليها، او ضرب الحياة البيئية على المحمية، أو لاستهداف طرابلس من خلالها والامعان في تصحيرها سياحيا.
بالأمس، دق إحراق جزيرة الارانب ناقوس الخطر، فلبى وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين النداء بإجراء اتصالات مع قيادة الجيش للمساعدة في إطفاء الحريق بالطوافات العسكرية وتبريد الارض وبالطلب من القضاء التدخل السريع لمعرفة الفاعلين. وكذلك سارع رئيس لجنة المحمية المهندس عامر حداد الى مكان الحريق للاشراف على إخماده وازالة الاضرار، مناشدا القوى الامنية فتح تحقيق فوري وانزال أقصى العقوبات بالفاعلين.
تم إطفاء الحريق في جزيرة الارانب، لكن الخطر ما يزال قائما في ظل الفلتان الحاصل، وبالتالي فإن اول خطوة لتوفير سياحة آمنة والسير بالبرنامج التطويري للمحمية هو إقامة نقطة أمنية دائمة، فهل يبادر المعنيون من نواب وفاعليات بالاصرار على هذا الطلب؟، وهل تلبي القيادات العسكرية والامنية ذلك؟!..
Related Posts