وتتابع هذه الأم لـ6 أبناء أكبرهم عمره 15 عاماً والأصغر في عامه الثاني: “الأطفال يسألوننا كل لحظة هل سنعود إلى منزلنا؟”. مواهب عمر فضلت من جانبها البقاء
مع أبنائها في الخرطوم رغم الحرب، وتقول إن العيد سيكون “بائسا ولا طعم له”، وتضيف: “لا نستطيع حتى شراء خروف
مجرد حلم” أما عمر ابراهيم، الذي يسكن في حي شمبات في الخرطوم مع أطفاله الثلاثة فيساءل “هل ستسكت المدافع يوم العيد؟”. إلا أن إبراهيم يُدرك في حديثه أنّ الحرب المستمرة بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “تجعل الطقوس التي اعتدنا كل عيد ممارستها مجرد حلم”. واذا كانت الحرب بدأت في الخرطوم، فإنها امتدت الآن الى الولايات الرئيسية التي توفر الماشية في دارفور وكردفان غرب وجنوب السودان، الذي كان أصلاً قبل الحرب واحداً من أفقر بلدان العالم. أما عثمان مبارك الذي يعمل في تجارة المواشي واعتاد أن يقضي الأيام قبل العيد في بيع الخراف في شوارع الخرطوم والتي يجلبها من كردفان، فقال: “لا تجارة لنا هذا العام وعيد الأضحى كان موسما للربح لنا والآن انا والذين يعملون معي نعاني من البطالة”. بدوره، يجلس محمد بابكر تاجر المواشي وسط خرافه في شارع رئيسي بمدينة ود مدني ويقول: “أسعار الخراف أقل مقارنة بالعام الماضي بسبب قلة الإقبال على الشراء وذلك لأن أغلب الناس يعملون
في وظائف ولم يتقاضوا مرتباتهم منذ عدة أشهر”. ويتابع: “لكن المعروض من الخراف قليل كذلك إذ لم يستطع تجار كردفان ودارفور الوصول إلى هنا”
بلا رواتب منذ ثلاثة شهور في سوق ود حامد، على بعد 150 كيلومترا شمال الخرطوم، في المنطقة التي لم تصلها الحرب، نجح عبد الله النمر في تجميع قطيع من الخراف يعرضه للبيع، ويقول: “لدينا خراف لكن الناس لا تشتري لأنه ليست لديهم الأموال الكافية بسبب الحرب”. والنازحون الذين جاؤوا بأعداد كبيرة من الخرطوم لم يتقاضوا أي راتب منذ نيسان الماضي، فالمصارف متوقفة والدولة منحت إجازات للعاملين حتى إشعار آخر. في السياق، يتحدث معاوية محمد وهو تاجر يعاني كذلك من قلة الطلب، ويقول: “الحرب أثرت على الناس، لم يتقاضوا مرتباتهم ولن يتقاضوها قبل فترة .. الوضع صعب والقوة الشرائية ضعيفة”. إلى ذلك، يمر عماد محي الدين في سوق ود مدني من دون أن يلتفت إلى الخراف، ويقول: “بالصدفة جئت إلى هنا ولكنني لن اشتري خروفا هذا العام لأنني بلا راتب منذ 3 اشهر”.