أكد وزير البيئة ناصر ياسين أن إجتماعات الحكومة في ظل غياب رئيس الجمهورية هي أكثر من ضرورية من أجل تسيير شؤون ومصالح الناس، لافتا الى أن ذلك من البديهيات الدستورية لأن تصريف الأعمال يفترض به أن يكون لفترة قصيرة جدا، لذلك لم يكتب المشرع كل التفاصيل المتعلقة به.
وأشار ياسين الى الجهود التي تبذلها وزارته من أجل إدارة قطاع النفايات بشكل جيد والتخفيف من واقع التلوث، فضلا عن مواجهة الحرائق بفرق “المستجيب الأول” التي تتعاون مع الدفاع المدني بشكل إيجابي ما ساهم في تخفيض نسب الحرائق الى 90 بالمئة.
وطمأن وزير البيئة أبناء الفيحاء بأن جبل النفايات في طرابلس غير قابل للانفجار وإنما قد يحترق، وموجها رسالة الى أبناء دير عمار بأنه لن يقام أي مطمر في منطقتهم من دون موافقتهم، مشددا على أنه لا يجوز أن يكون في الواجهة البحرية لطرابلس مكبا للنفايات ولا بد من نقله الى مكان آخر.
كلام الوزير ياسين جاء خلال زيارة قام بها الى مكاتب ″سفير الشمال″ في طرابلس يرافقه مستشاره الزميل صهيب جوهر، حيث كان في إستقبالهما رئيس التحرير الصحافي غسان ريفي وأسرة الجريدة حيث جرى عرض لشؤون وشجون القطاع البيئي في لبنان عموما وفي طرابلس والشمال بشكل خاص.
وفي حديث لـ″سفير الشمال″ رأى الوزير ياسين أن الغموض ما يزال سيد الموقف في الاستحقاق الرئاسي، وأن إنتخاب الرئيس ما يزال متأخرا، مشددا على أهمية الدور الذي تلعبه حكومة تصريف الأعمال التي تقوم بواجباتها وفقا لمقتضيات الدستور.
وقال: إن مشاركتنا في إجتماعات الحكومة واجب دستوري وأخلاقي من أجل تسيير مصالح اللبنانيين، وسأل: هل إذا كانت هناك حكومة تصريف أعمال لا نهتم بالحرائق، أو بأزمات النفايات، أو بالتفاوض مع البنك الدولي لتأمين تمويل بعض المشاريع الملحة؟.
وأضاف: إنعقاد مجلس الوزراء في ظل غياب رئيس الجمهورية هو أمر أكثر من ضروري للبحث بأمور الناس وتأمين رواتب الموظفين وابسط الخدمات، فضلا عن إقرار الموازنة في حال وجدت وإرسالها الى مجلس النواب، فلا يجوز أن تتعطل مصالح الناس في حال لم يكن هناك رئيس جمهورية، علما أن تصريف الأعمال في المنطق الدستوري أو في البديهيات الدستورية هي فترة قصيرة جدا، لذلك لم يكتب المشرّع كل التفاصيل المتعلقة بها، كما لم يحدد فترة معينة لاستشارات رئيس الجمهورية أو فترة لتشكيل الحكومة لأن هذا الأمر من البديهيات، لذلك من المهم جدا أن يكون لدينا مسؤولية وطنية وأخلاق سياسية نتعاطى من خلالها مع حاجات الناس ولا نقصر معهم، وأن نسارع في الوقت نفسه من أجل إنهاء الشغور لإعادة إنتظام العمل السياسي في لبنان.
وعن تقييمه للوضع البيئي قال الوزير ياسين: هناك تراكم لسنوات عديدة أدى الى التدهور البيئي الذي تبلغ كلفته السنوية 2.4 مليار دولار لجهة تلوث المياه والهواء وتدهور واقع الأراضي، لكن التداعيات السلبية على البيئة تأتي من سوء إدارة أو ضعف إدارة القطاعات الأخرى، فنحن في وزارة البيئة نضيء على تلوث المياه والأنهر، لكن ذلك يأتي من ضعف إدارة المياه والصرف الصحي المسؤولة عنها مؤسسات المياه، ما ينعكس على سلامة البيئة وصحة الناس، وهذا ما نعمل على منعه، خصوصا أن الحكومة أعطت وما تزال تعطي أولوية للوضع البيئي، وعندما كنت أعرض الخطط الاستراتيجية في مجلس الوزراء لم يكن أحد يعترض عليها، بل على العكس كان هناك دعم من رئيس الحكومة والوزراء.
ورأى ياسين أن مشاكل النفايات عمرها عشرات السنين، وقبل وخلال الحرب كانت كل المناطق ترمي نفاياتها عشوائيا، وبعد ذلك، بدأ وضع الخطط التي كانت مرحلية لخمس أو عشر سنوات، وكنا نواجه الأزمات عندما تنتهي ونطرح سؤال ماذا سنفعل الآن؟.
وأشار الى أنه لم يسبق أن وُضعت خطة متكاملة لإدارة قطاع النفايات الصلبة لمدة 25 عاما مثلا، بل كانت هذه الخطط تقتصر على خمس سنوات ثم نسعى الى أن نمد بعمرها في ظروف ليست سهلة ماليا، لتأمين إستمرار منظومات النفايات الى أن نحصل على التمويل من البنك الدولي، لذلك نعمل على ثلاث ركائز: أولا، تعزيز ثقافة الفرز والفرز من المصدر وتشجيع عدد من المراكز في المناطق لاستلام المفروزات وتأمين بدل لها، ثانيا، الحوكمة والتمويل والذهاب نحو تقوية البلديات لكي تدير هذا القطاع وهناك إقتراح أرسلناه الى مجلس النواب لأخذ رسم مالي لتغطية إدارة هذا القطاع وهذا الأمر يُعتمد للمرة الأولى حيث كانت كلفة الادارة تعتمد على الخزينة العامة أو جباية البلدية، والمبلغ الذي قد يتم جمعه من شأنه إنقاذ القطاع وهذا ما نعمل عليه مع البنك الدولي، وتقديرنا أننا نحتاج الى 120 مليون دولار لننقذ القطاع وإقامة معامل الفرز والتسبيخ والمطامر فضلا عن تأهيل البلديات، وقد تمكنا من تأمين نصف هذا الملبغ في ظل هذه الظروف الصعبة التي يغيب فيها التمويل وسوف نعمل على هذا الأمر من عكار وطرابلس الى صور، وثالثا، العمل حاليا مع البلديات ومجلس الانماء والاعمار والادارات الأخرى، لكي يستمر قطاع النفايات في المناطق السكنية ولو بالحد الأدنى، وإن كان لا يلبي طموحنا.
وردا على سؤال حول جبل النفايات في طرابلس وإمكانية إنفجاره والمسلخ وما ينتح عنهما من تلوث، قال الوزير ياسين: تاريخيا، وطرابلس مع سائر المدن ترمي نفاياتها بشكل عشوائي، وقد بدأ الرمي في المكب وبما يعرف اليوم بجبل النفايات قبل نحو 45 عاما، ومع أوائل التسعينات كانت هناك أفكارا لتخفيف الضرر البيئي الناتج من هذا الجبل، فتم إنشاء مكب منظم وتمت تغطية المكب القديم وأنشأوا فوقه خلايا وقد إمتلأ بشكل كامل في العام 2016، حيث تم تنفيذ المطمر الحالي على أساس أن يتم تأهيل المكب القديم وإغلاقه، ومع الوقت حصلت بعض الانهيارات التي ساهمت في إنسداد أنابيب تنفيس الغاز، وهذا الأمر يشكل خطرا صحيا بفعل إمكانية الاحتراق، لكن لا يوجد خطر الانفجار، حيث أجرينا كل الدراسات العلمية على المكب، وكلها أثبتت أنه لا يمكن له أن ينفجر وأن الأضرار قد تقتصر على الحريق وما يمكن أن ينتجه من تلوث،
وأضاف: لقد سألت قائد الفوج الهندسي في الجيش: لنسلم جدلا بأن المكب تعرض لانحباس وتعرض لأوكسجين وإشتعال وإنفجر؟، فأكد أن ضرره لا يصل الى حدود الطريق وبالتالي كل ما يُحكي عن إنفجار مماثل لمرفأ بيروت هو كلام مبالغ فيه ولا أساس له من الصحة، لكن هذا المكب يجب أن يعالج ويفترض بمجلس الانماء والاعمار أن يعجل بذلك.
ورأى الوزير ياسين أنه لا يجوز الاستمرار في المكب الموجود في طرابلس التي لا يمكن أن يكون ضمن واجهتها البحرية مكبا للنفايات، لافتا الى معالجة هذا الجبل وزرعه وتحويله الى حديقة فوق المنطقة الاقتصادية الخاصة، كما سيصار الى نقل المسلخ الى أرض عند حدود البداوي بعد سوق الخضار، والمطمر الحالي عندما يصل الى قدرته الاستيعابية بعد نحو سنتين يجب أن يتوقف وبالتالي الانتقال الى مطمر جديد يخدم إتحاد بلديات طرابلس والمنية.
وحول أزمة إقامة المطمر في دير عمار قال ياسين: لقد درسنا أكثرية الأماكن ونطاقها الجغرافي، ووجدنا بأن أكثر من منطقة ملائمة، ومنها موقع دير عمار، وهو عبارة عن منطقة متدهورة بيئيا تضم مكبا عشوائيا وكان فيها كسارة قديمة يرموا فيها النفايات ولها طريقا خاصا وليس تحت أرضه مياها جوفية، ونحن ندرس هذا الموقع كخيار محتمل، ولم يكن ذلك يستوجب ردات فعل إعتراضية من أهالي دير عمار والتي جاء بعضها بالسياسة.
وأضاف: سوف ألتقي وفدا من أهالي دير عمار لأشرح لهم كل التفاصيل، وأريد أن أفتش معهم عن البدائل لمنطقتهم، وأطمئنهم بأنه لا يمكن أن نقوم بأي عمل من دون موافقتهم وسوف نتحاور، وإذا أرادوا أن يحصروا الموقع بنفايات المنية ودير عمار فهذا أمر جيد كونه يخفف من الكميات.
وأضاف: من حق الناس الاعتراض خصوصا أن ليس لديهم ثقة بالعمل الحكومي وبكيفية إدارة المطامر، ولكن في منطق الأمور، بعد الفرز والتسبيخ، سيبقى ما بين 30 الى 40 بالمئة من النفايات يجب أن تطمر بشكل صحي ومعنى ذلك أنه سيكون هناك عازل، إضافة الى سحب العصارة ومعالجتها ومن ثم تغطيته بالتراب، وتنظيم عملية تنفيس الغاز والتي قد تستخدم لتوليد الطاقة وذلك كما هو حال سائر المطامر اليوم.
ورأى ياسين أن التفكير بمستقبل طرابلس ومحاكاة مشروع غرفة التجارة حول أن تكون طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية، لا يتماشى مع أن يكون هناك مكبا للنفايات عند واجهتها البحرية، وطبعا إزدهار طرابلس سينعكس إيجابا على كل مناطق الشمال، ونحن هنا نفكر لعشرين أو ثلاثين سنة مقبلة.
وعن مستقبل مكب طرابلس قال: المطمر الحالي يكفينا لسنيتن، وقد قمنا بتأمين تمويل سيكون من ضمنه وحدة لمعالجة العصارة التي تتسبب بالروائح الكريهة التي لن تبقى مستقبلا، لكن في النهاية ومن أجل مصلحة طرابلس ومستقبلها يجب أن يكون مكب النفايات بعيدا عن الواجهة البحرية التي من المفترض أن تكون للمشاريع المنتجة وليس للمكب أو المسلخ أو منابع التلوث، وأهل طرابلس وفاعلياتها وبلديتها يجب أن يفكروا جديا بهذا الأمر.
وعن معالجة الحرائق، أشار الوزير ياسين الى أن نسبتها إنخفضت في العام الفائت الى 90 بالمئة، لافتا الى إنشاء فرق المستجيب الأول في أكثر من 15 منطقة حرجية للتعاون مع الدفاع المدني لاطفاء الحرائق ومحاصرته بمجرد إشتعاله، مؤكدا أن هناك تدريبات وتجهيزات ومعدات لفرق المستجيب الأول للتدخل بسرعة، وهناك تجربة رائدة حصلت في عكار سنعمل على تطويرها ونقلها الى سائر المناطق.
وقال: فرق المستجيب الأول تحاصر الحريق قبل أن يتطور، وتنسق مع سائر المناطق ومع الدفاع المدني، وهناك أكثر من 160 متطوعا، وقد شكل ذلك عامل جذب للبنك الدولي حيث تقدمنا بالمشروع الذي من المفترض أن يمول بخمسة ملايين دولار من مرفق البيئة الأخضر، وذلك بانتظار الموافقات الدولية التي تحتاج الى وقت قد يمتد الى العام 2024.
Related Posts