معلم مليتا الجهادي يتألق في عيد التحرير.. المتحف الحيّ الذي يعزز ثقافة المقاومة!..

خاص – سفير الشمال

 

يُشكل معلم مليتا الجهادي السياحي نموذجا من نماذج إنتصار التحرير في 25 أيار 2000، ويقدم فكرة متكاملة عن المقاومة الشاملة، الجهادية المسلحة، الوطنية الاسلامية، السياحية الثقافية، الأكاديمية التربوية، الاجتماعية الاقتصادية، ولا شك في أن مقاومة من هذا النوع المتكامل المنسجم مع نفسه وأهله وناسه وأرضه لا بد من أن تنتقل من إنتصار الى إنتصار.
بعد تحرير أيار لم تستكن المقاومة لنشوة الانتصار، بل جعلته إنطلاقة لمرحلة جديدة من الاعداد والتطوير والتجهيز البدني والعسكري إستعدادا للمعركة الكبرى، فضلا عن إستثمار القواعد العسكرية للمقاومة، والأراضي والتلال التي إندحر منها جيش العدو والمعتقلات التي شهدت على تعذيب وعذابات المقاومين، وتحويلها الى مواقع للتثقيف المقاوم، والى متاحف تحكي حكايا المواجهات العسكرية مع الصهاينة بتفاصيلها الدقيقة، وتكشف عن الحياة اليومية للمجاهدين الذين يطوون وعورة الجبال والوديان ويسخرون الحجر والشجر ويحفرون في الصخر غرفا وأنفاقا لتنفيذ عملياتهم وتحقيق إنتصاراتهم وكسر شوكة الصهاينة.
من يجول في معلم مليتا الجهادي لا يستغرب تحرير الأرض في أيار 2000، وإنتصار تموز، وقوة الردع، وتوازن الرعب مع العدو، ففي مليتا تُدرّس مادة المقاومة وتعبق جنبات تلّتها بعبق الشهادة والتضحية والعزة والعنفوان والكرامة، فيما تقبع دبابات العدو وآلياته العسكرية وصواريخه محطمة في حفرة كبيرة يجول فوقها المواطنون لتؤكد لهم أن إسرائيل “أوهن من بيت العنكبوت”..
يرفرف العلم اللبناني في مليتا على سارية بإرتفاع 53 مترا، فيما تتجاور سائر الاعلام اللبنانية الى جانب أعلام حزب الله في مواقع كثيرة، في تزاوج وإندماج يؤكد أن المقاومة هي جزء لا يتجزأ من السيادة اللبنانية، وأن قوتها تشكل منعة وحصانة للبنان الى جانب الجيش الوطني وسائر الأجهزة الأمنية.
يشكل معلم مليتا، متحفا حيّا يحاكي عمليات المقاومين ضد جيش العدو الاسرائيلي، فالأرض هناك ما تزال على كيانها، وما تبدّلَ هو فقط تمهيد للمرات لتمكين الزوار من التجوال بشكل إنسيابي نزولا بإتجاه المغارة التي حفرها المجاهدون بمعدات بدائية تقليدية قوامها معول ورفش وعربة و”كومبراسور” صغير لعدم لفت نظر العدو الذي كان يتربص شرا بكل الأراضي.
عند الدخول الى أرض العمليات تتعاظم هيبة المقاومة خصوصا أن كل موطئ قدم فيها معمدّ بدماء شهيد أو جريح من المجاهدين وكل موقع فيها يحاكي حياة الجهاد التي عاشوها على مدار سنوات طويلة من الكر والفر مع العدو الغاشم، فعلى اليسار دشمة الشهيد السيد عباس الموسوي (أمين عام حزب الله السابق) الذي يتحدث عبر الجهاز ويعطي تعليماته للمقاومين المنتشرين بعتادهم وأسلحتهم ويتخذون وضعيات قتالية، وفي مقابلها المستشفى الميداني الذي يقدم الاسعافات الأولية للجرحى قبل نقلهم الى المستشفيات عبر أطباء وممرضين كانوا يرابضون بشكل يومي، وبجانبها عدد من المقاومين يشكلون قوة الدعم التي تنقل مختلف أنواع الأسلحة والعتاد والتموين، الى القوة الصاروخية المعززة بالراجمات التي تخرج للقصف ومن ثم تعود لتسوى بالأرض، إضافة الى كتيبة الاستشهاديين، والمشاة الذين يتقدمهم فوج الهندسة وسلاح الاشارة والمجاهدين المدججين بالأسلحة ومن خلفهم الاعلام الحربي لتوثيق العمليات العسكرية وضرب معنويات العدو.
أما المغارة فلها قصة تحاكي العزيمة والاصرار، فهي حفرت بسواعد المقاومين بعمق 200 مترا وتضم غرفا للاستراحة والنوم والعبادة، إضافة الى المطبخ وغرفة العمليات التي ما تزال على كيانها بالأجهزة التي كانت تستخدم آنذاك، فضلا عن غرفة تُعرض فيها المعدات التي إستخدمت في الحفر، ويتفرع من المغارة نفقا للطوارئ للخروج منها عند الضرورة، كما تحيط بها دشمة “الدوشكا” التي كانت تستهدف مواقع العدو في تلة سجد والتي إستمر طيلة سنوات لا يعرف مصدر النيران التي تطلق منها بإتجاهه ولم يتمكن من إستهدافها أو تدميرها، ومع إنتهاء المسير في المغارة يخرج الزوار الى الساحة التي تطل على المناطق التي حررتها المقاومة في العام 1985.
يأتي بعد ذلك، إستعراض للأسلحة المختلفة التي عملت المقاومة على تطويرها من الأسلحة الرشاشة والقذائف والمدافع والصواريخ التي تحمل أسماء عدة، والمضادة للطائرات، وصولا الى سلاح الطيران الذي يتم تطويره تباعا ويقدم نتائج باهرة في دقة إصابة المواقع المعادية، فضلا عن قاعة العرض التي يقف فيها مجسم عالي الجودة للسيد عباس الموسوي كشاهد على الغنائم الكثيرة التي كسبتها المقاومة من العدو الاسرائيلي والتي تُعرض بشكل فني رائع.
في عيد المقاومة والتحرير يتألق معلم مليتا السياحي، ويفتح ذراعيه كما في كل يوم لزواره من مختلف المناطق والطوائف والمذاهب، وقد كان لكوكبة من الاعلاميين حظا في زيارته والتجوال فيه والاطلاع على ما يختزنه من مواقع مجبولة بالشهادة والتضحية والعنفوان والكرامة، قبل أن يشاركوا في حلقة تلفزيونية خاصة عن “المقاومة والتحرير” في برنامج “حديث الساعة” مع الاعلامي عماد مرمل على شاشة المنار.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal