أصدرت كتلة “الوفاء للمقاومة” بيانا، لمناسبة الخامس والعشرين من أيار العام 2000،، معتبرة انه “يوم من أيام الله، لكثرة ما انطوى عليه من دلالات ووقائع ومؤشرات نهوض لشعبنا وبلدنا بل لشعوب المنطقة بأسرها”، معلنة ان “يوم تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني هو يوم عيد وطني وقومي صنعته مقاومة نموذجية التزمها شعبنا الأبي والشجاع خيارا استراتيجيا وعمليا مجديا وبديلا عن خيارات أخرى مجربة عقيمة وفولكلورية التأثير والنتائج”.
أضاف البيان :”هذا اليوم التاريخي شكل ولا يزال مفترقا نوعيا حاسما بين حالة الوهن والاكتئاب والتسليم للأمر الواقع، وهي حالة لطالما عمل المستعمرون وحراس مصالحهم في منطقتنا على إشاعتها وترسيخها كنمط عيش وقدرٍ دائم. وبين حالة النهوض والتحرر واستشعار الثقة بالنفس وبالقدرة على النصر والإنجاز واستعادة الحيوية والأمل وإطلاق موجات الوعي ورفض الإذعان للأمر الواقع المغاير لمتبنيات وتطلعات شعبنا، والمتعارض مع هويته الحضارية وقيمه وحقوقه الإنسانية”.
وتابع البيان :” ولأن التحرير هو نتاج خيار المقاومة، فقد غدا ويغدو كل اتجاه سياسي أو فكري للفصل بينهما، مبعث ريبة واتهام وطعن ومثار رفض وإدانة ومواجهة، خصوصا بعد ما بذلته المقاومة وما قدمته من شهداء وجرحى وأسرى وبعد أن أضحت بفعل أدائها النموذجي وبالتحرير الذي أنجزته خيارا وجوديا ووطنيا راسخا في وجدان اللبنانيين وفي حياتهم وفي عرفهم وميثاقهم الذي يستند إليه النص الدستوري، وبعد أن أصبح الجدل حول هذا الخيار لغوا عقيما لا طائل منه ولا يكترث له أحد فضلا عن أنه لم يعد عنصر تحريض مؤثر ضد أي جهد وطني يبذله الوطنيون والمقاومون من أجل ضمان الاستقرار وبناء الدولة ومؤسساتها وفتح آفاق التطوير والتنمية والالتزام بتطبيق القوانين وأحكامها.
لقد طوى يوم الخامس والعشرين من أيار عام 2000م، كل مقولات الترويج للخضوع والإذعان، وفتح آفاق التحرر والأمل بالقدرة الذاتية بعد التوكل على الله عز وجل لمواصلة التغيير وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز والثقة بإمكانية تجاوز الصعاب وتخطي العقبات والتصدي لسياسات العرقلة أو التعطيل. إضافة إلى تأثيره الإيجابي على معنويات الشعب الفلسطيني المكافح الذي توهجت انتفاضته وانتعشت عزيمته وراح أبناؤه المقاومون يبدعون في أساليب مواجهة الاحتلال وتقويض مشروعه وأهدافه”.
وأردف البيان :”لقد أسقط يوم التحرير شعارات “العين لا تقاوم المخرز”، و”المقاومة فعل الواهمين”، و”التسليم للأمر الواقع خيار العقلاء ومنجاة البلاد”.. واستبدل كل ذلك بمعادلات أثبتت صحتها وجدواها وترسخت عمليا في نفوس الناس ومشاعرهم وطريقة حياتهم، وهي معادلة “انتصار الدم على السيف”، و”المقاومة خيار النصر” و”الإيمان والثبات والوعي والوحدة دعائم الخيار المقاوم وسبيل التحرر والنهوض”.
وأثبتت المعطيات ونتائج المواجهات المتكررة، سواء ضد العدو الصهيوني أو الغزاة التكفيريين، صحة وجدوى الرهان على معادلة “الشعب والجيش والمقاومة” لتحقيق وحماية النصر للبنان وللبنانيين.
كما أثبتت المعطيات والتجارب السياسية المتكررة أيضا، أن التحرير وما ينطوي عليه من التزام بمعادلة النصر الآنفة الذكر هو القاعدة الصلبة لبناء الدولة القوية والقادرة، والحريصة على تحقيق العدالة بين المواطنين وعلى تعهد حماية حقوقهم ورعاية مصالحهم. وأن أي إخلال أو تصديع لتلك القاعدة الصلبة هو تعطيل لعملية بناء الدولة وإضعاف لها.
كذلك فإن التحرير وما ينطوي عليه من معادلة للنصر الدائم.. قد رسخ وحصن السيادة الوطنية واجتذب احترام شعوب المنطقة ودولها وأتاح فرصا عديدة للبنان ولحكوماته المتعاقبة، من أجل الاستثمار الفعلي الإيجابي سواء لبناء اقتصاد قوي ومنتج أو لبناء مؤسسات خدماتية ورعائية أمينة وناشطة، أو لإنجاز مشاريع تنموية قادرة على تطوير البنى والإنشاءات التي تحتاجها البلاد حاضرا ومستقبلا.
ولفت البيان الى “إن المقاومة التي تعنى بتوفير الجهوزية الدائمة والمتطورة لمواجهة أي عدوان وللدفاع عن البلاد، بعثت بالأمس القريب ومن خلال التدريبات والعروض التي قدمتها أمام وسائل الإعلام المتعددة، رسائل ردع جديدة وذكية إلى العدو الغارق في مأزق تآكل قدرة الردع لديه، من المفترض أن تفاقم مأزقه وتزيد من الكوابح لعدوانه وتثير لديه المخاوف من أية حماقة ضد لبنان قد يفكر بالاندفاع إليها أو يستسهل الإقدام عليها”.
واذ هنأت كتلة “الوفاء للمقاومة” اللبنانيين وشعوب المنطقة كافة بعيد المقاومة والتحرير”، اعتبرت انه “عيد للوحدة الوطنية وللنهوض اللبناني والعربي ضد الصهاينة الغاصبين لفلسطين وضد كيانهم الموقت واحتلاله وإرهابه وتهديداته، وضد قوى التسلط والهيمنة الداعمة والراعية له ولعدوانيته”.
ودعت الكتلة إلى “حسن الاستفادة وملاقاة الاستدارة الإيجابية التي تشهدها المنطقة، وتؤكد وجوب اقتران المواقف بالأفعال والترتيبات التي تثبت الصدقية وتعزز فرص التفاعل الإيجابي المطلوب. كما تدعو كل المعنيين في لبنان إلى المسارعة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي والتفاهم الوطني الذي يؤدي إلى انتخاب الرئيس المؤهل في هذه المرحلة بالذات لتوظيف الظروف والتطورات الجارية من حولنا، لمصلحة لبنان وتثبيت استقراره وإعادة بناء دولته ومؤسساتها واستنهاض الوضع الاقتصادي المتردي والمأزوم”.
وختم البيان :”إن انكشاف الزيف الحضاري للمواقف والممارسات الاستنسابية لدول النفوذ الأميركي وتوابعها، وضعف القدرة الأميركية عن التفرد والاستئثار في إدارة الشؤون الدولية، وتنامي وعي الشعوب واندفاعها نحو التحرر والانعتاق من سياسات الإخضاع، ونزوع العديد من القوى والدول الإقليمية لإثبات جدارتها ولو ضمن الهامش المتاح فعلا أمامها لتلبية متطلبات شعوبها للتطوير والنهوض، والتوجه نحو طي المشاكل واستعادة الاستقرار، كل ذلك يشكل فرصا واعدة ينبغي انتهازها والعمل بفاعلية من أجل إنجاز المزيد من المطالب الحيوية والتطلعات التي تتوق إليها الشعوب الحرة والعزيزة.
وكل عام ووطننا وشعبنا وأحرار منطقتنا والعالم بألف خير”.
Related Posts