ليس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مجرد موظف صغير في إحدى إدارات الدولة كي لا تحرك السلطة في لبنان ساكناً لمعرفة حقيقة ما يجري في هذا الملف ولا سيما لجهة إصدار مذكرة توقيف فرنسية دولية بحقه، فالرجل هو على رأس أهم مؤسسة في لبنان وكل ما يجري فيها على صعيده كحاكم وعلى صعيدها كمؤسسة يؤثر على الوضع النقدي والمالي في لبنان وبالتالي على المواطنين اللبنانيين ومعيشتهم.
هذه السلطة التي تواصل اعتماد سياسة الإنكار لكل الأزمات والتي تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى، هي اليوم أمام اختبار يتجاوز الحسابات السياسية الخاصة وتصفية الحسابات ، وعليها بالفعل ان تستوضح القاضية الفرنسية عن الأدلة التي استندت إليها لإصدار مذكرة التوقيف، وان تتأكد من صحة هذه الأدلة لتبني على الشيء مقتضاه،فإن كانت ادلة دامغة فعلى الحكومة أن تتحرك ضد سلامة وأن تتخذ كل التدابير لإقصاء سلامة عن الحاكمية و للحفاظ على ما تبقى من سمعة للمركزي.
أما إذا وجدت السلطة أن لا مستند قانوني لإتهام الحاكم وإصدار مذكرة توقيف بحقه،فعليها أن تعترض بشدة أمام السلطات الفرنسية وأن تطالب بمراجعة قضائية لما جرى لأنه ألحق ضررا كبيرا بلبنان نحن بغنى عنه في هذه الفترة بالذات.
في قضية سلامة مفارقة لافتة إذا ما قارناها بقضية كارلوس غصن وتصرف السلطة اللبنانية ولا سيما رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون.
فعون استقبل غصن الفار بصندوق خشبي من اليابان حيث حوكم بتهم تحت عنوان الفساد وقالت وكالة رويترز يومها إن عون الذي يشكل أيقونة بالنسبة للمحامي وديع عقل،استقبله بحرارة رغم نفيه لذلك، ولكن الرئيس السابق قال أمام وفد ياباني جاء يطالب باسترداد غصن إن الأخير دخل بطريقة شرعية إلى لبنان وأن ليس بيننا وبين اليابان اتفاقية استرداد علما ان بحق كارلوس غصن نشرة حمراء صادرة عن الإنتربول.
وعليه بات من الواضح ان السلطة اللبنانية تعمل وفق معايير تتناسب ومصالحها على طريقة “تركيب الطرابيش” في مواجهة ومعالجة الملفات المصيرية والتي تضع مصير ملايين اللبنانيين أمام المجهول.
Related Posts