يثير معرض الكتاب في طرابلس، في الرابطة الثقافية المناضلة من أجل صورة جديدة حضارية لهذه المدينة المنكوبة اجتماعيا وأمنيا واقتصاديا، الكثير من التساؤلات العلمية الموضوعية حول الأهداف الثقافية أو السياسية التي تقف وراء عرض الالاف من الكتب بين الجدران المغلقة على أحلام الطرابلسيين المثقفين.
هذه الأحلام البسيطة كالكتاب الذي لا يقرأه أحد بل يبقى مجرد أوراق مبعثرة في أروقة تفكير الكاتب وغاياته في بناء الذات من أجل الحياة، أو في بناء الصورة المخالفة للواقع المشوّه انسانيا وثقافيا وحضاريا.
أما السؤال الأكثر استفزازا، فهو العدد الرسمي للكتب المباعة؟ ومن يشتري هذه الكتب وما هو نوعها؟
من قلب الأزمة المالية التي زادت من نسبة الفقر المدقع في طرابلس ورفعت من وتيرة العنف والتطرف والجريمة، الى قلب المعرض الذي يضم النخب الاجتماعية والثقافية. هذا المشهد السينمائي يترجم حالة الانقسام المناطقي التاريخي في مدينة طرابلس، بين ضواحي المدينة وأسواقها الداخلية الفقيرة وبين الجهة النابضة بالحياة.
هناك في المعرض الجامع لكل القوى السياسية والطائفية الحاكمة يجتمع قادة المدينة ومثقفوها، عشرات المحاضرات وتواقيع الكتب والخطابات التي تفتقد لحل سياسي او اجتماعي او اقتصادي واحد لمعالجة ما تتخبط فيه المدينة من مشكلات..
يبقى الطرابلسيون ينشدون ألحان النضال من أجل البقاء، على ألحان الكتب والثقافة المرجوة. فالثقافة التي لا ترتبط بنهضة المجتمع والانسان، تبقى مجرد حبر على ورق، أو مجرد صورة تتناقلها وسائل الاعلام . هنا ينتهي الكلام أمام الفقر والجوع والتخلف والقتل والتسرب المدرسي والعنف ضد المرأة والطلاق والبطالة والانتحار..
هنا ينتهي الكلام في الكتب والابحاث والدراسات التي يُدفع عليها الاف الدولارات. أما النتيجة فتبقى في أدراج الدولة والبلديات والمنظمات المحلية والدولية.. وتبقى طرابلس منذ أن خلع باب الذهب حتى اليوم تبحث عن الخلاص والعودة الطبيعية الى العلم والثقافة والانتاج المعرفي بكافة المجالات..
وعليه لا بد من القول أن قوة المعرفة من قوة المجتمع والعكس هو الصحيح أيضا. خاصة أن الإنتاج المعرفي يجب أن يكون ابتكاراً راقياً ومتاحاً لجميع الأفراد فهو ليس حكراً على أحد بل يمكن لأي فرد أن يكون بالجهد والمثابرة ثروة معرفة خلاقة ومنتجة.
في النتيجة يجب على أي معرض كتاب أو أي إنتاج معرفي أن يساهم بتحقيق الازدهار الاقتصادي للمجتمع الطرابلسي بل يجب أن يساهم بتحقيق تقدم كبير في الحياة الاجتماعية والثقافية للطرابلسيين جميعا.
الكاتبة: د. عليا علي ملحم
المصدر: سفير الشمال
Related Posts