إنه استثناء، الوسام كما البروفسور جمال الأيوبي الذي علّق على صدره، هو الرائد في مجال الطب والعلم والبحوث الذي دخل منذ بضعة أشهر الى الأكاديمية الوطنية للطب في فرنسا.
اليوم تكرمه فرنسا بوسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة ضابط ليغيب لبنان حتى عن تذكّر أبنائه المبدعين.
منذ ستة أعوام حصل على وسام الشرف من رتبة فارس، واليوم وسام جديد استثنائي منحه إياه رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون من رتبة ضابط تقديراً لمساهماته في تقدم العلم والبحوث.
وكان البروفيسور الأيوبي من الأوائل الذين عملوا في مجال الخصوبة، والجراحة النسائية عموماً، وقام بأول عملية لزراعة الرحم في فرنسا مع فريقه لسيدة ولدت من دون رحم، فتمكنت من إنجاب ولدين بعد العملية.
الاحتفال جمع العديد من الذين يقدرون العلم وأهله وكذلك الصداقة، وجرى في قاعة “بريان” التاريخية في وزارة الدفاع الفرنسية، حيث سكن نابوليون بونابرت، وكذلك الجنرال شارل ديغول قبل الحرب وبعدها، عندما كان رئيس حكومة فرنسا الحرّة.
قلّده الوسام وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو بحضور عدد من الوزراء الفرنسيين، منهم وزير المالية والاقتصاد برونو لومير، والصحة فرانسوا براون، والشباب سارة الحيري، ووزيرة تنظيم العناية الصحية إنياس فيرماني لو بودو، ورئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، ووزير الخارجية الفرنسي السابق فيليب دوستبلازي، ووزيرة الصحة السابقة نورا بيرا، والنائب الفرنسي السابق الدكتور إيلي عبود وعدد من السياسيين الفرنسيين والوزراء السابقين اللبنانيين: ناصيف حتي، غسان سلامة، غازي وزني، نقولا نحاس، زينة عكر، السفير نواف سلام، السفيرة سحر بعاصيري، الكاتب أمين معلوف، سفير لبنان في باريس رامي عدوان، وفي برلين مصطفى أديب، وعدد من السياسيين وأعضاء مجلس الشيوخ والديبلوماسيين والأهل والأصدقاء.
وألقى الوزير لوكورنو كلمة عدّد فيها إنجازات البروفيسور الأيوبي “المحاط بمحبّيه، لا سيما زوجته وأولاده، والذي يلتقي الجميع ببسمته المطَمئنة والإيجابية والمريحة، سواء في عيادته في مستشفى فوش أو في منزله أو حين التقيته لأول مرة في الطائرة إلى لبنان مع وزير الاقتصاد برونو لو مير.
بسمة توحي دائماً بالثقة، وصوت هادئ ومطمئن لإنسان يأخد وقته ليسمع ويحلّل ويفهم مفكّراً قبل الانطلاق في حديثه، إلى حضوره الدائم حين يحتاجه الأصدقاء”.
وذكر أحاديث مع الأصدقاء عن الطب بشغف، وعن الخدمة العامة، وعن فرنسا وتاريخها بإعجاب، وعن لبنان بالكثير من المشاعر، وعن عائلته بفخر.
وتحدث عن قيَمه لاسيما عمله الدؤوب واستحقاقه، “وهو الموهوب الذي يعمل بكدّ سمح له بصعود السلم حاملاً كل التحديات العلمية التي حددها متجاوزاً كل الحواجز”.
وتحدث عن رغبة البروفيسور الأيوبي في المحافظة على إشعاع فرنسا بعد أن كبر على أسطورة الجنرال ديغول، وكان لوالده فرصة لقائه في لبنان. واعتبر أن نجاحاته ثمرة رغبته في الخدمة العامة، وهذا ما دفعه إلى تخصيص مهنته لذلك في المستشفى للعلاج، وفي الجامعة للبحوث.
“قسم الطب والجراحة النسائية الذي تديره في مستشفى فوش يشهد على ذلك، وكذلك قاعة الانتظار المليئة بالسيدات من كل آفاق المجتمع تستقبلهن وتأخذ وقتك في الاستماع لهن، وفي فحصهن”.
وتحدث عن إدارته لفريق عمله وبحوثه الرائدة، وعن تحدي حياته الأكبر حين فكر بمساعدة اللواتي لا يمكنهن الإنجاب لمشكلة في الرحم، وذلك من خلال عملية زراعة الرحم، محققاً أول عملية لزراعة الرحم في فرنسا.
وتحدث عن عمله مع باحثين، وعن إتقانه لتقنيات متقدّمة في الجراحات حين تمت أول عملية زراعة رحم في 31 آذار من عام 2019، فجرى استئصالها في 12 ساعة، ثم زرعها في 6 ساعات.
وبعد نجاح العملية وتدفق الدم في الرحم وتجاوب المريضة، قام باستخدام التقنيات المساعدة للحمل لتضع السيدة بعد بضعة أشهر مولودها الأول.
وختم بأن أبرز صفات البروفيسور الأيوبي هما التفاؤل والأمل اللذان قادا مسيرته وأفعاله وأقواله.
وبعد تقليده الوسام باسم رئيس الجمهورية، ردّ البروفيسور الأيوبي بكلمة شكر لاستضافته تحديداً في قاعة تاريخية شهدت على أوقات طبعت تاريخ فرنسا.
وقال إن الوسام يذكّره بأهله، خصوصاً والدته، التي “كانت ستكون فخورة بتقدير الجمهورية الفرنسية لابنها، ووالدي الذي التقى الجنرال ديغول، وعمل معه، وكان فخوراً ومعجباً لدرجة أبقى على صورته في منزلنا في لبنان حتى وفاته.
تعلّقي بلبنان وتاريخه وثقافته وتنوعه أدين به لأهلي، بلد أعطاني الكثير، وأعطى أعلاماً من أبنائه تميزوا في خدمة فرنسا في الأكاديمية الفرنسية والأمم المتحدة وعلى الساحة السياسية والاقتصادية والإعلامية والطبية.
وشاركني أهلي حبّ فرنسا وثقافتها وتاريخها وقيمها ونقلوا إليّ حب هذه الأمة والوفاء للروابط التاريخية بين لبنان وفرنسا”.
وتوجّه إلى وزير الدفاع الفرنسي وقال:”الحصول على هذا الوسام من جانبكم بحضور عائلتي وأصدقائي يزيد على مشاعري فرحة عامرة، وأتشارك شرف الحصول عليه مع الذين عملوا معي من زملاء، وهم جزء من مهمة العلاج والتعليم في إطار الخدمة العامة ضمن هم المساواة والأخوة والحرية، وهي مبادئ الجمهورية والإنسانية والتضامن.
هم جعلوا الطب في فرنسا، على الرغم من الصعاب، من الأفضل في العالم، بجمعهم الخبرة والجودة والابتكار والإنسانية”.
وشكر زوجته وأولاده والأصدقاء الذين حضروا، واعتبر أن منحه الوسام في وزارة الدفاع ربما بسبب حياته المليئة بالمعارك والمهمات؛ معارك لعلاج الأزواج ومساعدتهم على الإنجاب، وإعطاء الحياة ونقلها والحفاظ على الطب بمستوى عالٍ؛ طب فيه من الابتكار والإنسانية، ومعارك للاهتمام بنوعية العناية الطبية والبحوث والتعليم، خصوصاً العناية للجميع.
وعلّق القيادي في الحزب التقدّمي الإشتراكي توفيق سلطان، بتصريحٍ جاءَ فيه: “لا نبيّ في قومه في الوقت الذي يُكرّم العالم نخبةُ من لبنان، نرى اللّبناني يُبرز الحثالة في وطنه ويُغيّب النخبة”.
وأضاف: “بكلِّ فخر واعتزاز، تابعت تكريم البروفيسور جمال الأيوبي إبن مدينة طرابلس، هذا العصامي الذي تابعَ دراسته الثانوية في ثانوية حسن الحجه الرسمية في طرابلس، ووصلَ إلى أعلى المراكز، وسجّل اكتشاف علمي لأول مرّة في العالم”.
وأشار إلى أنَّ “البروفيسور الأيوبي الذي نالَ وسام الإستحقاق الفرنسي برتبة ضابط بعد أن كان قد نالَ قبل 6 سنوات وسام الشرف برتبة فارس، وهو موضع تقدير الدولة الفرنسية على اكتشافاته العلمية”.
وختمَ: “يعزُّ عليّ أن أرى تغييب هذا العالم الّلبناني في بلده لبنان، لذا أطالب الحكومة اللبنانية بتكريم هذا العالم العالمي اللبناني وتسمية شارع في العاصمة بيروت باسمه كما في مدينته طرابلس، وأن تقيم احتفالاً يليقُ بمكانته العلمية العالمية، ليكون حافزاً لشباب لبنان لتحسين صورتنا على المستوى العالمي بعهد ان وصلنا إلى أبشع الصور عالمياً”.
Related Posts