يلعب نائب رئيس مجلس النواب الياس ابو صعب في الوقت بدل الضائع بانتظار صافرة التسوية التي من المفترض ان تنهي ازمة الشغور الرئاسي، وذلك عبر مبادرة بمراحل ثلاث، غير واضحة الملامح او النتائج يجول من خلالها على الكتل النيابية ويبدو أنها تهدف الى إثبات الحضور او التمهيد للعب دور ما في العهد الجديد.
المتابع للملف الرئاسي يدرك تماما أن الفريق الذي يدعم ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية قد أغلق أبواب المشاورات وان لا بديل له عن مرشحه وانه ينتظر أن يواجهه الفريق الآخر بمرشح جدي ضمن اللعبة الديمقراطية في مجلس النواب، أو أن يستطيع استمالة طرف منه الى خياره فيؤمن النصاب في جلسة الانتخاب تمهيدا لايصال فرنجية الى قصر بعبدا.
ورغم ذلك، فإن ابو صعب ما زال يتصرف وكأن الاستحقاق في بداياته، فيتحدث عن الحوار والتلاقي والتفاهم حول قواسم مشتركة، علما أن ما لم يستطع الرئيس نبيه بري إنجازه على صعيد الدعوة الى الحوار وكذلك البطريرك الماروني بشارة الراعي وفرنجية، لن يستطيع أبو صعب القيام به في ظل تمسك كل فريق بموقفه.
إصرار أبو صعب على إنجاز مبادرته رغم استحالتها، تطرح سلسلة تساؤلات مشروعة لجهة، في حال توصل نائب رئيس مجلس النواب الى أي تسوية هل يمكن أن يُقنع بها رئيس تكتله النيابي جبران باسيل المعروف باختلافه الدائم معه؟ وهل يستطيع أبو صعب إقناع الثنائي الشيعي بمرشح غير فرنجية؟ وهل ينجح في جمع القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر حول قواسم مشتركة في الوقت الذي يرفض فيه سمير جعجع التعاطي مع باسيل؟ وفي حال توصل أبو صعب الى توافق مع قوى المعارضة على مرشح، هل تجرؤ على الذهاب به الى مجلس النواب لمواجهة فرنجية؟ وهل يتخلى باسيل عن غطرسته ويقبل بحل يُكتب بإسم أبو صعب لسنوات ست مقبلة؟، وهل يقتنع ابو صعب نفسه أنه قادر على إحداث خرق في الجدار الذي يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية؟، وهل صحيح ان أبو صعب مقتنع بالتصويت لفرنجية مع عدد من نواب تكتل لبنان القوي وهو يحاول اليوم ان يجمع ما أمكن من الاصوات المسيحية لمصلحته بعدما حرر الموقف السعودي النواب السنة الذين من الواضح أن الأكثرية منهم تتجه نحو التصويت لفرنجية الذي تربطه علاقة مميزة معها؟.
لا شك في أن التطورات الايجابية التي تشهدها المنطقة، والاصطفافات السياسية الداخلية لم تعد تحتاج الى مبادرات، بل هي تحتاج الى قرارات جريئة أوحى السفير السعودي وليد البخاري خلال جولاته على القيادات اللبنانية بضرورة اللجوء اليها من خلال تأكيده على “الاسراع في إتمام الاستحقاق الرئاسي وتغليب المصلحة الوطنية على ما عداها”، ما يعني رفض التعطيل المستمر، ودعوة مبطنة الى التوافق على مرشح يواجه فرنجية ديمقراطيا او السير بالتسوية التي تعزز حظوظه خصوصا بعد رفع الفيتو السعودي..
Related Posts