أكثر من تطوّر إيجابي طرأ على العلاقات السّورية ـ السّعودية في الأيّام الأخيرة، من إعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة إستمرت قرابة 12 عاماً، إلى تبادل الزيارات بين المسؤولين على مستوى رفيع، إضافة إلى فتح الحدود بين البلدين من أجل تبادل السلع وحركة التجارة والتصدير، وتنقل الأشخاص، وتسهيل الحصول على تأشيرات دخول للمواطنين في كلا البلدين.
غير أنّ التطوّر الأبرز في العلاقة بين البلدين كان سياسياً، لأنّ من شأن تقاربهما إلى جانب مصر أن يعيد مثلث سوريا والسعودية ومصر إلى الحياة مجدّداً، وهو مثلث كان على الدوام، تاريخياً، محور إرتكاز أساسي في المنطقة، ونقطة ثقل، وعامل في تفعيل العمل العربي المشترك على كلّ الصعد.
بما يخصّ لبنان، فإن تقارب دمشق والرياض من شأنه أن ينهي، برأي كثيرين، أكثر من عقد ونيّف من التوتر بين الطرفين كان لبنان إحدى ساحاته الرئيسية في المنطقة، وأن يعيد إحياء معادلة سين ـ سين التي كان لها دور فعّال في استقرار البلد في الفترة التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وسبقت إندلاع شرارة الحرب في سوريا عام 2011.
تقارب سوريا والسّعودية لن يقتصر فقط على تخفيف حدّة التوتر في لبنان، ولا في تبريد المواقف ولجم أصحاب الرؤوس الحامية ومن يصطادون في الماء العكر أو ممّن يعيشون على الأزمات، إنّما في حلحلة الكثير من الأزمات ومعالجة الملفات المأزومة في بلد الأرز، وخروجه ولو تدريجياً من تحت أزمة إقتصادية ومالية خانقة إندلعت قبل زهاء 5 سنوات، وتسبّبت في انهيار غير مسبوق للبلد على كلّ الصعد.
أبرز الأزمات المطلوب معالجتها، وعلى جناح السّرعة، وضع حدّ للإنهيار الإقتصادي والمالي والمعيشي في لبنان الذي بات يهدّد البلد وجودياً، إما بتقسيمه أو بشطبه عن الخارطة كما حذّر كثيرون، إذا استفحلت الأزمات أكثر وتركت بلا معالجة. وهو إنهيار لا شكّ أنّ للسّعودية دور هام في لجمه.
كما من شأن التقارب السّوري ـ السّعودي أن يفتح الباب أمام التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يضع حدّاً للفراغ في منصب الرئاسة الأولى المستمر منذ أكثر من 5 أشهر ونيف، يتبعه تشكيل حكومة جديدة سوف تكون مهمتها الرئيسية معالجة الأزمات التي يرزح تحتها البلد وتكاد تخنقه.
وإذا كان للسّعودية دور هام في مساعدة لبنان إقتصاديا في ضوء تقاربها مع سوريا، فإنّ لسوريا دور إيجابي آخر بمعالجة الكثير من الملفات، من أبرزها عودة النّازحين السّوريين إلى بلادهم، وضبط الحدود، وتفعيل معاهدة الإخوة والتعاون والتنسيق والعلاقات المميزة بين دمشق وبيروت، وهو أمر أعلنه صراحة رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، المرشّح الأبرز للرئاسة الأولى، عندما أشار مؤخّراً إلى أنّه سيستخدم علاقاته الشّخصية والسياسية الجيدة مع الرئيس السّوري بشّار الأسد لمعالجة مجمل هذه الملفات، مع الحرص على علاقات جيدة مع مختلف الدول العربية وعلى رأسها السعودية.
فهل تشهد الأيّام المقبلة إعادة إحياء معادلة سين ـ سين مرّة ثانية، لينعم البلد بفضلها بالإستقرار؟ الأيّام المقبلة كفيلة بالإجابة.
Related Posts