أقفلت كل الطرق المؤدية الى قصر بعبدا لبنانيا، بفعل تمسك التيارات السياسية بمواقفها حيال الاستحقاق الرئاسي الذي دخل في مراوحة قاتلة بإنتظار إستقدام معدات وآليات خارجية تكون قادرة على إيجاد ثغرة أو أكثر في الجدران المرتفعة للمساعدة على إنتخاب الرئيس العتيد.
كل المواقف السياسية باتت واضحة، فالثنائي الشيعي يدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وهو متمسك به وليس لديه أية خطة بديلة.
رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ما يزال يناور عله يستطيع أن يحجز مكانا له في السباق الرئاسي أو طرح شخصية يمكن عبرها أن يكون رئيس ظل جديد الأمر الذي يصطدم بإصرار حليفه حزب الله على فرنجية.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يتمادى في رفع السقوف السياسية حتى بات يحتاج الى من ينزله عن الشجرة، خصوصا في ظل الارتباك الذي يعيشه سواء على المستوى الداخلي بعدم قدرته على جمع المعارضة تحت مظلة القوات، أو على الصعيد الخارجي لجهة توتر علاقاته مع بعض سفراء الدول المعنية بالشأن اللبناني نتيجة بعض المواقف التي يرونها لا تتماشى مع التطورات الايجابية التي تشهدها المنطقة عقب الاتفاق السعودي الايراني.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ينتظر التطورات الاقليمية، ولا يقبل برئيس لا يحظى بغطاء مسيحي وازن، لكنه قد يسير في التسوية التي تتوافق عليها الأكثرية في حال حصلت.
النواب السنة منقسمون بين من يدعم فرنجية علنا، وبين من يدعمه سرا بإنتظار الاشارة السعودية، وبين من ينظر بعين على المعارضة التي تتخبط في قراراتها بفعل عدم وجود مرشح جدي لديها، وفي حال وُجد فإنه ممنوع من الصرف داخل مجلس النواب، وينظر بالعين الثانية على رئاسة الحكومة التي تكبل التحركات وتجعل بعض الطامحين من دون لون أو طعم أو رائحة.
حزب الكتائب يسعى الى إثبات وجود كتلته النيابية الصغيرة بين الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين، وقد لفتت زيارة رئيسه النائب سامي الجميل الى باريس أمس، حيث وضعها البعض في خانة المحاولات الفرنسية الرامية الى تليين موقفه من ترشيح سليمان فرنجية، خصوصا أن الجميل يعمل مستقلا عن كتلتيّ القوات والتيار، ويحاول بشكل دائم مواجهة محاولات التسلط القواتي عليه وعلى المعارضة، كما أنه ليس على عداء مع سليمان فرنجية بل على العكس فإن العلاقة بين الرجلين جيدة على المستوى الشخصي وقد كان الجميل في العام 2016 متحمسا لانتخاب فرنجية لرئاسة الجمهورية.
بات واضحا أن الملف الرئاسي سيبقى على نار هادئة في الوقت الحالي تمهيدا لاستكمال عناصر الطبخة الرئاسية، على أن يبدأ الطباخون عملهم الفعلي بعد عطلة الأعياد أي مع بداية شهر أيار الذي قد يكون نصفه الأول حاسما، بفعل الرغبة السعودية بمشاركة رئيس لبنان في القمة العربية التي تريدها المملكة كاملة الأوصاف ومكتملة العناصر.
امام كل ذلك، هل ينجح الفرنسي في تليين موقف سامي الجميل ليشكل مع النواب المتسربين من تكتل لبنان القوي غطاء مسيحيا لفرنجية؟، أم تلحق القوات نفسها وتنزل عن شجرة مواقفها وتدخل السباق بالنائب ميشال معوض لتحفظ ماء وجهها وتغطي وصول فرنجية؟، أو تعيد التطورات جبران باسيل الى رشده السياسي لجهة قبوله بمرشح من المحور السياسي الذي يدعي الانتماء إليه؟، أم تفشل كل هذه المحاولات ويدخل لبنان بعد أيار المقبل في نفق مظلم جديد قد يكون هذه المرة اكثر خطورة؟..
مع بدء تنفيذ بنود الاتفاق السعودي ـ الايراني والمصالحات الناتجة منه لا سيما على صعيد عودة سوريا الى الحضن العربي، والمؤشرات الايجابية على صعيد العلاقة السعودية ـ السورية، فإن لبنان يفترض أن يكون أمام رئيس يشكل تقاطعا مع هذه التطورات، وقادرا على التفاهم مع القيادة السورية على ثلاثة ملفات بالغة الأهمية وهي: النازحين، ترسيم الحدود، ووقف التهريب، وهذه الملفات يدرك الفرنسي والأميركي ويكاد يقتنع السعودي ومعه سائر العرب بأن لا أحد يستطيع حملها سوى سليمان فرنجية.
Related Posts