تتسارع الخطوات الايجابية بين السعودية وإيران على طريق تنفيذ بنود الاتفاق التاريخي بينهما، فبعد وصول الوفد الدبلوماسي السعودي الى طهران لمناقشة آليات إعادة فتح ممثليات المملكة فيها، إثر لقاء وزيريّ الخارجية في البلدين تحت مظلة بكين، من المفترض أن يزور وفدان إيرانيان السعودية في نهاية الاسبوع الجاري لاطلاق عملية إعادة فتح ممثليات إيران في الرياض.
هذه الايجابية تعكس حالة من الانفراجات السياسية في دول المنطقة لم تشهدها منذ فترة طويلة، لكن يبدو أن ترجمتها ما تزال بعيدة عن لبنان الذي قد يخسر فرصة تاريخية لاعادة إنتظام الحياة السياسية فيه من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وإستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي.
يكاد يقتنع ممثلو الدول المعنية التي تجتمع دوريا للتفتيش عن حلول، أن في لبنان بعض هواة السياسة الذين لا يشبعون من المغامرات التي تضر بالبلاد وتعرضها للانهيار الكامل وتأتي نتائجها في كل مرة بعكس تطلعاتهم، وذلك بفعل الأنانية المفرطة التي بلغت ذروتها وتكاد تؤكد أن الكيديات السياسية وتصفية الحسابات وممارسة الشعبوية أهم بالنسبة لبعض التيارات من إنقاذ البلد، لا سيما تلك التي تشعر اليوم بـ”عقد نقص” جراء فقدان السلطة وتراجع النفوذ، أو تلك التي تحلم بالعودة الى السلطة بغطاء تغييري وثوري وما تزال تحصد الفشل تلو الآخر.
كل المعطيات تشير الى أن إستمرار أزمة الشغور الرئاسي التي زادت عن خمسة أشهر مردها الى الصراعات المتنامية بين التيارات المسيحية التي باتت تتحمل اليوم المسؤولية الكاملة، خصوصا بعد إعلان الثنائي الشيعي وحلفائه عن دعم ترشيح سليمان فرنجية، وعدم ملاقاتهم بمرشح منافس في مجلس النواب تجسيدا للعملية الديمقراطية، بل تأكيد فريق المعارضة المسيحية على عدم تأمين النصاب، ورفض الفريق الثاني فكرة ترشيح فرنجية من قبل حلفائه، ما يجعل الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة.
وتشير المعلومات الى أن زيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبل أيام كانت بهدف إقناعه بالمرشح جهاد أزعور، لكن جعجع رفض الفكرة من أساسها باعتبار أن أزعور هو مرشح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وبطبيعة الحال فإن جعجع يرفض فرنجية إنطلاقا من إعتبارات شخصية صرفة، يغلفها رئيس القوات بحجة أنه يشكل إمتدادا لعهد ميشال عون، علما أن القوات هي من إنتخبت عون ووقعت معه تفاهم معراب، بينما رفض فرنجية إنتخابه.
في المقابل يرفض باسيل ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لسببين، الأول لكونه مرشح المعارضة، والثاني خوف باسيل على مستقبله السياسي من “القائد” الذي قد يستقطب قيادات وكوادر وجمهور التيار الوطني الحر الذي تؤكد المعلومات أن ثمة حالات إنقسام داخله يغذيها سلوك باسيل السياسي القائم على الشخصانية والأنانية، كما يرفض باسيل بطبيعة الحال ترشيح فرنجية لأسباب شخصية وكيدية، وبفعل “الغيرة” من دعم حزب الله له.
في المحصلة، فإن جعجع يرفض مرشح باسيل، وباسيل يرفض مرشح جعجع، لكنهما في الوقت نفسه تعاونان على قطع طريق قصر بعبدا على سليمان فرنجية، وبهذا الصدد تشير المعلومات الى أن الانجاز الوحيد الذي نتج عن التواصل القواتي ـ البرتقالي الذي حصل قبل أيام هو التوافق على عدم إنتخاب فرنجية، بدل التفتيش عن قواسم مشتركة يمكن أن يضع حدا للشغور الرئاسي.
أمام هذا المشهد السوريالي، يبدو واضحا أن سلوك التيار والقوات قد يحتاج مجددا الى سلسلة من الصلوات للتعاون على إنتخاب رئيس وليس التعاون على التعطيل!..
Related Posts