الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد..
جامع سيدي عبد الواحد
هو أصغر مسجد في طرابلس المملوكية، يقع شرق “سوق العطارين”، بناه “عبد الواحد المكناسي” من المغرب في عام 1305 ميلادي.
يشتهر هذا الجامع بمئذنته الصغيرة والمرتفعة قليلاً، وكذلك بقبته البسيطة التي تعلو محرابه ذي الطراز المغربي. كان يتألف من قاعة صلاة صغيرة وفناء خارجي مع نافورة الوضوء في الوسط الذي أزيل قبل حوالي 25 سنة في وقت لاحق، تم تسقيف الفناء وإضافته إلى قاعة الصلاة.
يروي الطرابلسيون القدماء أنه حين فتح السلطان قلاوون مدينة طرابلس وحررها من الفرنجة، كان الكثير من المغاربة قد شاركوا في جيشه متطوعين، انتقاماً من القوات الذين هجّروا المسلمين وطردوهم من إسبانيا (الأندلس)، فأرادوا أن يعوضوا خسارتهم في الأندلس وينتقموا من الصليبيين عن طريق الساحل، فانضموا إلى جيش قلاوون بأعداد كبيرة، وشاركوا في تحريرها وفتحها، وكان سيدي عبد الواحد المكناسي منهم، وهو زاهدٌ مغربيّ، وقد كان ثرياًّ جداًّ إلا أن لباسه ومظهره لا يدلان على ذلك.
وقد أراد عبد الواحد المكناسي أن يبيت في أحد الخانات، فكان أن دخل في خان صاحبه نصرانياًّ ولما رآه بتلك الملابس المتسخة والممزقة، رفض أن يدخله إلى خانه، فشعر عبد الواحد أن مظهره كان سبباً في رفض الآخر لاستقباله.
فقال له أنه مستعد لدفع ما يريده من المال من أجل القبول به في الخان، إلا أن النصراني أصرّ على الرفض، فأتى ذلك المغربي بجماعة من الناس ليشهدوا على استعداده لملء وعاء من الذهب ثمناً لشراء هذا الخان، فلم يصدق صاحب الخان حتى رأى ذلك بعينه.
وتحقق الأمر أمام الناس حين أخرج المكناسي من جعبته كمية هائلة من الذهب ملأ بها وعاء نحاسياًّ وبالفعل تملك سيدي عبد الواحد الخان وحوّله فيما بعد إلى جامع وأطلق اسمه عليه.
كانت تقام في المسجد أذكار على الطريقة المغربية (الصوفية المشّيشيّة)، وكان شيخها يدعى عبد السلام المشّيشي، وقد دفن في حجرة تقع عند مدخل الجامع، بينما كان سيدي عبد الواحد يطوف في البلاد، ولا يقيم في مدينة معينة باعتباره زاهداً.
وفي إحدى رحلاته التقى بالرحالة المشهور ابن بطوطة في صعيد مصر، وقيل أن المكناسي بنى جامعاً في هذه المنطقة ويحتمل أنه توفي هناك.
Related Posts