على بُعد مسافة زمنية لا تزيد على خمسة أيّام بالتمام والكمال، يفترض أن يوجّه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي خلالها الدعوة إلى الهيئات الناخبة من أجل خوض الإنتخابات البلدية والإختيارية، في موعد أقصاه يوم الإثنين في الثالث من شهر نيسان المقبل، وإلّا فإنّ مصير هذه الإنتخابات سيصبح في مهبّ الرّيح.
طوال الأشهر الماضية كان مولوي يبدي أصراره على إجراء الإستحقاق البلدي في موعده، حرصاً منه على الإلتزام بالمهل القانونية المرتبطة بهذه الإنتخابات، غير أن مواقف أغلب القوى السياسية كانت لا تلاقيه في منتصف الطريق، ولا تبدي أيّ حماسة لإجراء هذه الإنتخابات، أو تقديم التسهيلات لإجرائها في موعدها، لا بل إنّ هذه القوى كانت تقوم، علناً أو من وراء الستار، بالعمل على تأجيل هذه الإنتخابات، وتمديد ولاية المجالس البلدية عاماً إضافياً، وحتى عامين، بعد تمديد أول للمجالس البلدية والإختيارية لعام واحد حصل العام الماضي.
آخر المعطيات المتوافرة في هذا السّياق تمثل في اللقاء الذي جرى على هامش جلسة اللجان النيابية المشتركة التي عقدت أمس، بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومولوي، وفيه نوقش موضوع الإنتخابات البلدية والإختيارية، وتمّ الإتفاق بين الرجلين على مناقشة ملف هذه الإنتخابات بعد عودة ميقاتي إلى لبنان بسبب تواجده في الخارج خلال اليومين المقبلين، أيّ أنّ مصير تلك الإنتخابات يُفترض أن يُبتّ خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري ومطلع الأسبوع المقبل كحدّ أقصى.
وإذا كان ظاهر المشكلة يشير إلى أنّ إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية مرتبط بتأمين تمويل لها بحوالي 9 ملايين دولار، ليس متوافراً بعد، فإنّ باطن المشكلة يحمل أسباباً عدّة ترجّح كفّة تأجيلها، من أبرزها:
أولاً: ما تعذّر تأمينه من تمويل للإنتخابات المحلية المرتقبة طوال الأشهر الماضية، لأسباب مختلفة، لن يكون مرجّحاً في غضون أيّام قليلة تعدّ أقلّ من أصابع اليد الواحدة، خصوصاً أنّ هذا التمويل يحتاج إلى جلسة تشريعية لإقراره، وهو أمر لا يبدو متاحاً، خصوصاً بعد التوتر الذي ساد جلسة اللجان النيابية أمس وأدّى إلى رفعها قبل أن تبت أيّ مشروع لديها.
ثانياً: لم يتم الإنتهاء بعد من مناقشة قانون البلديات الجديد في المجلس النيابي، وبالتالي فإنّ إجراء الإستحقاق البلدي وفق القانون القديم يصطدم بعقبات عدة، خصوصاً المتعلقة منها ببلدية بيروت؛ وفي ضوء التداعيات التي تركتها أزمة التوقيتين الصيفي والشّتوي فإنّ مناقشة مصير بلدية بيروت بإبقائها موحدة وفق المسلمين، وتقسيمها إلى بلديتين وفق المسيحيين، أو تثبيت المناصفة بين المسلمين والمسيحين فيها، يصطدم بأكثر من عائق، ويبدو في الوقت الحالي وكأنّه نفخ في نار الإنقسام السياسي والطائفي مجدّداً.
ثالثاً: منذ إقرار إتفاق الطائف كانت الإستحقاقات الإنتخابية، رئاسية أم نيابية أم بلدية، تجري تحت خيمة التوافق، ولو بحدّه الأدنى، وهذا التوافق يبدو اليوم غائباً بالكامل، ما يجعل مستبعداً إقدام القوى السّياسية وأهل السلطة على مغامرة إجراء الإنتخابات البلدية في موعدها، وتفضيلهم تأجيلها.
Related Posts