ملايين الليرات للافطار والسحور.. البؤس ينتصر على بهجة رمضان!..

كتب المحرر الاقتصادي

يطل شهر رمضان المبارك هذا العام في وقت تحتدم فيه الازمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في لبنان ويسجل الدولار أرقاما قياسية غير مسبوقة، تجعل اللبنانيين تحت وطأة عجز يرثى له، الأمر الذي يُحدث فوضى عارمة في أسعار السلع الاساسية بين الدولار واللبناني وإستنسابية سعر الصرف أو محاولات جني الأرباح من زيادة السنتات التي بات يُحسب لها ألف حساب على العملة الوطنية.

مع انعدام طرح أية حلول جدية لمعالجة هذه الأزمات من قبل المسؤولين وغياب لجان الرقابة وحماية المستهلك التي يُعتبر هذا الشهر الفضيل ملعبها للتخفيف من جنون الأسعار يتمادى التجار في بطشهم وجشعهم من دون حسيب أو رقيب، الامر الذي يحوّل رمضان من شهر الخير واليمن والبركات الى شهر الحرمان والمآسي، فيما يبقى دفء العبادات والأمل بالله هو السائد لدى الصائمين.

يتسابق المواطنون على المواد الأرخص ثمنا لتأمين مستلزمات الافطار الذي سيفقد الكثير من مكوناته، خصوصا بعدما أصبح ذلك أشبه بالمهمة المستحيلة كون الغلاء ضرب كل القطاعات وفرض نفسه على القدرة الشرائية عند كل طبقات المجتمع خصوصا أن الازمة الراهنة جوّعت الطبقة الفقيرة وأفقرت الطبقة المتوسطة، ودفعت الطبقة الغنية الى النق من نيران الأسعار.

في جولة على أكثر من سوق تجاري في لبنان، يبدو واضحا أن الازمة الاقتصادية ترخي بثقلها على المواطنين وعلى حيوية الاسواق والشوارع التي تفتقر لضجيجها وصخبها المعتاد بالاحتفال بقدوم شهر البهجة والكرم والخير.

تفتش أم أحمد على النذر اليسير من مواد ومستلزمات لتحضير افطار لعائلتها المكونة من خمسة أفراد، وتقول: “كنا نحط على سفرتنا الرمضانية من سنتين ما لذ وطاب، هلق حتى البرغل مش من قدرتنا”.

الغصة في كلام أم أحمد تترجم الواقع بدقة، حيث يشكو زياد “الخضرجي” من الغلاء الفاحش مشيرا الى تصاعد اسعار الخضار بشكل جنوني، لافتا الى أن تكلفة صحن الفتوش منذ سنوات كانت أربعة الاف ليرة لبنانية، أما اليوم فلا يمكن تحضيره بأقل من 500 ألف ليرة.

يؤكد الحاج أبو خالد أن كل المواطنين يقفون عاجزين أمام هستيريا سعر صرف الدولار، ويتخلون تباعا عن مكونات الإفطار والسحور والتي باتت تحتاج يوميا الى ملايين الليرات لتأمينها.

غصة أبو خالد تكاد تكون بحجم وطن يجوع أبناؤه فيما يختلف مسؤولوه حول جنس الملائكة، ويعطلون إستحقاقاته الدستورية ما يحول دون إيجاد أية حلول للأزمات المعيشية والاجتماعية التي ترخي بظلالها القاتمة على هذه الأيام المباركة.

تقول الحاجة أم نزيه وهي تجول في السوق بحثا عما تستطيع شراءه: كانت موائد الافطار تمتلئ بأنواع مختلفة من الطعام والحلويات، وقد بتنا اليوم نكتفي بصنف واحد إذا وجد، أما الحلويات فتحولت الى ذكرى جميلة، أو وفق قاعدة “شم ولا تدوق”.

وتضيف: حتى الأطفال لم يعد باستطاعتهم الاحساس ببركة وروحانية هذا الشهر بسبب الظروف التي حرمتهم من زينة رمضان والحصول على ما يشتهونه.

“إذا الله ما إتطلع فينا يمكن ما نقدر نفطر” يقول حسان أحد عمال الدليفيري من ذوي الدخل المحدود، مؤكدا أنه لم يبق شيء من الشهر الفضيل سوى العناية الالهية التي تخفف من وطأة ومعاناة الصائمين في هذه الايام الصعبة. ولم يبق لدى الناس ما يتكئون عليه سوى العبادة والايمان فجنون الدولار التهم مدخراتهم وافترس مداخيلهم.

إنتصر البؤس على بهجة رمضان هذا العام لتبقى الروحانيات بقعة الامل في سوداوية المشهد.

أعاده الله علينا وعليكم باليمن والخير آملين أن تعود بهجة رمضان لترمم أرواحنا المتعبة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal