قالت “الحرة” ان شركة OpenAI كشفت أخيرا النقاب عن أحدث إصداراتها لنماذج الذكاء الاصطناعي “GPT- 4″، وهو برنامج روبوتي للمحادثة وتكوين المحتوى اللغوي، قيل إنه كان قيد التطوير بسرية تامة طوال العام الماضي.
والأداة التي طال انتظارها، والتي يمكنها وصف الصور بالكلمات، تعتبر أحدث مفاجأة من الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها. واعتبرتها صحف ومواقع تكنولوجية أنها تمثل قفزة هائلة في قوة الذكاء الاصطناعي، في حين حذرت بعضها من أنها قد تشكل تحولا رئيسيا آخرا في المعايير الأخلاقية، لأنها تتطرق لجميع مناحي الحياة.
وعبر بث رسمي استمر قرابة الـ24 دقيقة، الثلاثاء، تناولت الشركة أبرز مميزات البرنامج الروبوتي للمحادثة “GPT- 4″، وعرضت أكثر من مثال لمدى تفوق النموذج الجديد عن البرنامج السابق “تشات جي بي تي” (ChatGPT).
ومن خلال قدرته على الاستجابة لتحليل الصور بالإضافة للنصوص، سيكون “GPT- 4” بمثابة صديق جديد قادر على مرافقتك بجميع تفاصيل الحياة بغض النظر عن مدى سهولتها أو صعوبتها، من إنجاز العمل إلى حل المشكلات الشخصية.
ما هو “GPT- 4″؟
“GPT- 4” هو برنامج لغوي متعدد الوسائط، ما يعني أنه يمكنه الاستجابة لكل من النصوص والصور، ويعمل بالذكاء الاصطناعي.
وأكدت الشركة المصممة OpenAI أن تلك النسخة الجديدة يمكنها تشخيص المرضى وكتابة البرامج ولعب الشطرنج وقراءة مقالات المؤلفين وغير ذلك الكثير.
وعلى سبيل المثال، إذا أعطيته صورة لمحتويات ثلاجتك وسألته عما يمكنك صنعه، سيحاول “GPT- 4” ابتكار وصفات تستخدم المكونات المصورة، وفقا موقع “تكنولوجي ريفيو” التابع لمعهد ماساتشوستس التقني.
وعلى الجانب الآخر، يستطيع “GPT- 4” شرح النكات، ومثلا “إذا عرضت عليه صورة meme، فيمكنها أن تخبرك عن سبب كونها مضحكة”، بحسب الموقع الأميركي.
ومن الناحية النظرية، فإن الجمع بين النص والصور يمكن أن يسمح لـ”GPT- 4″ بفهم العالم بشكل أفضل. وسيكون قادرا على معالجة نقاط الضعف التقليدية في نماذج اللغة، مثل التفكير المكاني، بحسب “تكنولوجي ريفيو”.
ما الفرق بين GPT-4 والنسخة الأقدم منه ChatGPT؟
أطلقت الشركة المصنعة، في نوفمبر الماضي، ChatGPT، الذي أثار ضجة كُبرى على الساحة التقنية ليصبح في وقت قياسي التطبيق الأكثر انتشارا ما يزيد عن 100 مليون مستخدم في الشهر الواحد.
وتميز ChatGPT بقدرته على التحاور بسلاسة أو كتابة مقالات أو رمز كمبيوتر وأبرزهم كانت المحادثات المطولة حول أمر ما.
وأعلنت الشركة أن “ChatGPT” تم بناؤه على أساس نموذج لغة كبير يسمى “GPT-3.5″، وهو إصدار سابق. لكن مع الاستخدام، اتضح ضعفه في بعض النقاط أبرزها كانت إجابات غير صحيحة أو مناسبة.
لكن يبدو أن نموذج “GPT- 4” الجديد أفضل في بعض الاستدلالات الأساسية من “ChatGPT”، إذ يمكنه حل الألغاز البسيطة مثل تلخيص الكلمات التي تبدأ بالحرف ذاته في نص طويل، فمثلا يمكنه تلخيص إعلان دعائي ما على الإنترنت باستخدام مجموعة كلمات تبدأ جميعها بحرف “الجي”.
كذلك يتفوق “GPT- 4” على “ChatGPT” في الاختبارات البشرية، بما في ذلك اختبار يُحاكي امتحان ممارسة المحاماة واختبارات علوم الأحياء التي يقدمها طلاب المرحلة الثانوية في المدارس الأميركية “biology olympiad”.
ووفقًا لموقع الشركة المطورة OpenAI، فإن أداء “GPT- 4” أفضل من “ChatGPT”، الذي يعتمد على “GPT-3.5″، وهو نسخة من التكنولوجيا السابقة للشركة، لأن البرنامج الأحدث يعد نموذجا أكبر مزودا بمزيد من المعلمات.
وذكرت الشركة أن أداء “GPT-3” تفوق على “GPT-2″، لأنه كان أكبر منه بحوالي 100 مرة، مع 175 مليار عامل مقابل 1.5 مليار لـ”GPT-2”.
لكن شركة OpenAI اختارت عدم الكشف عن حجم “GPT-4”.
لماذا يثير الجدل حول المعايير الأخلاقية؟
على الجانب الإيجابي، يعد “GPT-4” محركا قويا للإبداع، وبحلول الوقت سيؤثر على اقتصاد المعلومات، والوظائف، والتعليم، والسياسة، وحتى فهمنا لما يعنيه أن تكون ذكيا ومبدعا. كما يمكن أن يساعد العلماء على تطوير عقاقير جديدة، وزيادة كفاءة المبرمجين، والكشف عن أنواع معينة من السرطان، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
أما بالنسبة للجانب السلبي، ذكرت “نيويورك تايمز” أن إحدى السمات الغريبة للذكاء الاصطناعي “GPT-4” هي أنهم غالبا ما يتصرفون بطرق لا يتوقعها صانعوها، أو يكتسبون مهارات لم تتم برمجتهم للقيام بها على وجه التحديد. ويسمي الباحثون هذه “السلوكيات الناشئة”.
وتقول شركة OpenAI إنها قضت ستة أشهر في جعل “GPT-4” أكثر أمانا ودقة من “ChatGPT”.
ووفقًا للشركة، تقل احتمالية استجابة “GPT-4” للطلبات المتعلقة بالمحتوى الذي لا تسمح به المعايير الأخلاقية لشركة OpenAI بنسبة ٨٢ في المئة عن “GPT-3.5″، وأقل احتمالا، بنسبة ٦٠ في المئة، للرد بشكل خاطئ.
وتؤكد شركة “OpenAI” أنها حققت هذه النتائج باستخدام نفس النهج الذي اتبعته مع “ChatGPT”، بالاستعانة بردود الفعل البشرية. ويتضمن ذلك مطالبة المقيِّمين البشريين بتسجيل استجابات مختلفة من النموذج واستخدام هذه الدرجات لتحسين المخرجات المستقبلية.
حتى أن فريق العمل استخدم “GPT-4″ لتحسين نفسه، وطلب منه إنشاء مدخلات أدت إلى استجابات متحيزة أو غير دقيقة أو مسيئة ثم إصلاح النموذج بحيث يرفض مثل هذه المدخلات في المستقبل، وفقا لـ”تكنولوجي ريفيو”.
ومع ذلك، يرى موقع “تكنولوجي ريفيو” أنه لا تزال النماذج اللغوية الكبيرة معيبة بشكل أساسي. لا يزال بإمكان GPT-4 إنشاء نص متحيز وكاذب وسيئ، ولا يزال من الممكن اختراقها لتجاوز حواجز الحماية الخاصة بها. ورغم أن شركة OpenAI قد حسنت هذه التقنية، إلا أنها لا تزال ينقصها الكثير.
ما الضرر الذي يمكن أن يسببه GPT-4؟
ولتخفيف المخاوف البادرة بشأن برامج الذكاء الاصطناعي، عمدت شركة “OpenAI” إلى إعطاء نسخة أولية تشرح للباحثين الذين حاولوا معرفة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على “GPT-4” للعب دور برنامج ذكاء اصطناعي شرير في أحد الأفلام، وفقا لصحيفة “ذا غارديان” البريطانية.
وأوضحت الشركة أن “GPT-4” فشل في معظم المهام التالية، لم يكن قادرا على فعل ما قد يبادر إليه برنامج “شرير”، فلم يتمكن من نسخ نفسه لمرات غير متناهية، أو اكتساب المزيد من موارد الحوسبة، أو تنفيذ هجوم التصيد الاحتيالي. لكن الباحثين تمكنوا من محاكاته باستخدام Taskrabbit لإقناع عامل بشري باجتياز اختبار “هل أنت إنسان؟”، حتى أن نظام الذكاء الاصطناعي قام بالكذب على العامل وقال إنه شخص أعمى لا يستطيع رؤية الصور.
لذلك فإن البعض قلق من أن تعلم أنظمة الذكاء الاصطناعي القواعد بشكل أفضل، يساعدها على أن تتدرب حول كيفية كسرها بشكل أفضل، وهو ما يُدعى “تأثير الويجي”، بحسب “ذا غارديان”.
وأوضحت الصحيفة أن مفهوم الفعل الأخلاقي هو أمر صعب ومعقد. لكن المؤكد أنه إذا خدعت نظام الذكاء الاصطناعي ليقرر ألا يكون أخلاقيا، فسيفعل بسهولة أي شيء يُطلب منه.
كيف يمكن الوصول إليه؟
سيكون الوصول إلى “GPT-4” متاحا للمستخدمين الذين قاموا بالتسجيل في قائمة الانتظار وللمشتركين في “ChatGPT Plus” مدفوع الأجر بمبلغ ٢٠ دولارا شهريا، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
كما سيتم دمجه في بعض المنتجات والإصدارات التقنية الأخرى سواء للشركات أو التطبيقات المختلفة. وعلى سبيل المثال شركة “مايكروسوفت” التي أعلنت، الأربعاء، أن روبوت دردشة “Bing” الخاص بها يستخدم بالفعل إصدارًا من “GPT-4” لتشغيل الروبوت، وفقا “نيويورك تايمز” الأميركية.
(الحرة)
Related Posts