على مدى الأشهر الخمسة الماضية، مات ما لا يقل عن 300 طفل حول العالم بعد تناولهم دواء السعال. واستجابة لذلك، أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) تنبيها بشأن منتجات 14 دواء مختلفا للأطفال في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأوروبا.
وكانت أدوية السعال ملوثة بمواد كيميائية سامة، هي إيثيلين غلايكول وديثيلين غلايكول، والتي تستخدم في سوائل ممسحات الزجاج الأمامي ومبردات المحرك.
وأوضح البروفيسور وينستون مورغان، عالم السموم من جامعة شرق لندن، سبب خطورة هذه المواد الكيميائية على البشر وكيف انتهى بها المطاف في شراب السعال.
وقال الخبير: “توجد هذه المركبات في بعض الأحيان بمستويات منخفضة للغاية كمواد ملوثة في العديد من المكونات الغذائية والمذيبات الطبية. ويحدث هذا عندما تكون هناك معايير تصنيع واختبار رديئة”.
وتعد الجرعة مميتة من المواد الكيميائية عند البالغين بنحو 1000-1500 ملليغرام لكل كيلوغرام. وبالنسبة للطفل الصغير الذي يزن 20 كغ، تنخفض النسبة المميتة إلى 28 مللترا أو نحو 6 ملاعق صغيرة.
ومع ذلك، من الممكن أيضا حدوث سمية عن طريق تناول جرعات أقل بكثير على مدار عدة أيام وأسابيع. وهذا هو السبب في أن المستوى الآمن لمنظمة الصحة العالمية لهذه المواد الكيميائية هو 0.5 مغ فقط لكل كيلوغرام في اليوم. وهذا يعادل 1/15 من ملعقة شاي في اليوم.
وأوضح البروفيسور وينستون أن ما يجعل هذه المواد الكيميائية خطيرة للغاية هو أن الطفل يستهلك كمية كبيرة قبل ظهور أعراض التسمم.
وما زاد الطين بلة، أن أعراض التسمم بالإيثيلين غلايكول والديثيلين غلايكول، مثل النعاس، يمكن أن يساء تفسيرها على أنها طبيعية لدى الطفل المصاب بالسعال أو الحمى. وتابع البروفيسور: “قد لا يلاحظ الآباء والعاملون في المجال الطبي ما هو الخطأ إلا بعد فوات الأوان”.
يمكن أن يختلط الإيثيلين غلايكول وثنائي إيثيلين غلايكول مع إنزيم موجود بشكل طبيعي في جسم الإنسان، والذي يحوّل المواد الكيميائية إلى مركب أكثر خطورة، يُعرف باسم حمض الغليوكسيليك.
وأوضح وينستون أن “حمض الغليوكسيليك يمكن أن يتركز في الكلى ويتلفها، ما يؤدي إلى الوفاة من الفشل الكلوي”.
وعادة، يمكن للجسم تنظيم التفاعلات الكيميائية في الجسم، ما يعني أن المواد الكيميائية لن تتحول أبدا إلى حمض الغليوكسيليك. لكن الباراسيتامول الموجود في شراب السعال، يمكن أن يثبط قدرة الجسم على التحكم في التفاعلات الكيميائية، ما يجعل تطور حمض الغليوكسيليك أكثر احتمالا.
وكتب وينستون: “الأطفال الذين يتناولون مستحضرات الباراسيتامول الملوثة بالغلايكول يمكن أن يكونوا في خطر”.
وأضاف: “الأدوية والأطعمة الأخرى الملوثة بمستويات منخفضة من الإيثيلين غلايكول وثنائي إيثيلين غلايكول ربما تمر من دون أن يلاحظها أحد لأنها لا تحتوي على الباراسيتامول”.
وحث البروفيسور وينستون الآباء على الاستمرار في استخدام أدوية السعال مع توخي الحذر، موضحاً: “الأدوية التي تحتوي على الباراسيتامول عادة ما تكون آمنة جدا للأطفال.
ولتجنب الوفيات المرتبطة بشراب السعال في المستقبل، يجب على الآباء والأخصائيين الطبيين النظر في التسمم بالغلايكول كاحتمال إذا بدأ الأطفال في إظهار أعراض التسمم والنعاس بعد تناول الدواء”.
Related Posts