ترأس رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف قداس عيد القديس مارون في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض ولفيف من الكهنة.
حضر القداس ممثل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري، النواب: أديب عبد المسيح، إيلي خوري، جورج عطالله، جيمي جبور، وعزيز ذوق ممثلا رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العقيد سيزار أبي رعد، النواب السابقون: اسطفان الدويهي، أحمد فتفت، ومصطفى علوش، نقيبة المحامين في الشمال ماري تراز القوال، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم العقيد خطار ناصر الدين، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان العقيد ريمون خليفة، متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس افرام كرياكوس، ممثل رئيس أساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر المونسنيور الياس البستاني، نقيب المهندسين في الشمال بهاء حرب، رئيس قلم المحكمة الجعفرية في طرابلس حمد حسين حسين، إضافة إلى فاعليات سياسية وعسكرية ودينية وثقافية واجتماعية وتربوية وحشد من الرهبان والراهبات ومؤمنين من أبناء المدينة والأبرشية والشمال.
سويف بعد الإنجيل، ألقى المطران سويف عظة قال فيها: “في هذا العيد، نرفع الصلاة بداية إلى الله تعالى حت يترأف بنا ويرحم ضحايا الزلزال الذي هز منطقتنا ويتلطف بجميع المتضررين جسديا ونفسيا وماديا.
ومن طرابلس، نحيي غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي متحدين معه بالصلاة، ونوجه إلى قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس أصدق تحيات المحبة ونشكره لأّنه يحمل لبنان دوما في فكره وصلاته واهتماماته”.
أضاف: “عاش القديس مارون، وهو يشهد لمحبة المسيح، رجاؤنا، يصلي ويرافق ويسير مع الشعب الذي آمن بيسوع مخلصا.
وهذه المسيرة الكنسية تتواصل بروح العائلة، وبخطى جماعية أي سينودسية، متجهة إلى رؤية وجه الله في وجه كل إنسان، وإلى سماع صراخ المتألمين، من مظالم اللاعدالة والكبرياء والأنانية التي تميت الروح الإنسانية في قلوب البشر.
ففي خضم المحنة التي يمر فيها وطننا الحبيب لبنان، تلتزم أبرشيتنا هذه السنة بعمق وقناعة وفرح أن تعيش اختبارها الكنسيّ تحت عنوان: نحن شهود الرجاء أمام تاريخ إنطاكي سرياني ماروني، ثوابته كنيسة مصلية، جماعة تعلن إيمانها بالصليب الظافر، عائلة تفرح بروح التضامن الاجتماعي، مجتمع منفتح ومتفاعل بين كل مكوناته على أسس المحبة، وشعب ما رضي إلا أن يعيش في الحرية ويحقق العدل ويبني السلام”.
وتابع: “نحن شهود الرجاء في كنيسة هي أم ومعلمة وتلميذة أيضا.
أّم تجمع أبناءها وتضمهم إلى قلبها، البعيدين قبل القريبين، تذهب خلف الضال وتضمد جارح المريض ببلسم الروح المحيي والمجدد، هي كذلك معلمة تنير القلب وترشد العقل بالكلمة والحقيقة، وهي تلميذة أيضا لأنها مدعوة أن تقرأ علامات الأزمنة بهدي الروح فتتعلم وتأخذ العبرة من التحولات الإنسانية والثقافية والاجتماعية، لتقود الإنسان في كل زمان ومكان، إلى ينابيع ماء الحياة الجديدة.
نحن مدعوون إلى أن نكون شهود الرجاء في رعايانا وأديارنا وعلى مستوى الأشخاص والكوادر والمؤسسات بحيث نجعل من كلمة الله مرجعيتنا المطلقة، مصدر تجدد الرجاء في قلب المجتمع البشري.
يأتي هذا، ثمرة علاقة شخصية بيسوع المسيح القائم، يعيشها الفرد وتختبرها الجماعة معلنة بشرى القيامة التي تحول كل اختباارت الموت الإنسانية إلى حب وحياة”.
وأردف: “نحن شهود الرجاء في كل مناطق الأبرشية، لا سيما في طرابلس الفيحاء، مدينة الأخوة الإنسانية والعيش الواحد والعمل المشترك، في إطار التفاعل الواعي بين المؤسسة الدينية والمدنية والعسكرية لخير الناس، والتضامن معهم في مآسيهم ومختلف ظروف حياتهم، فالشكر لجميع أحبائنا وأصدقائنا في الداخل والخارج الذين نلتقي معهم في المسيرة الروحية والإنسانية والوطنية.
إنها مبادرات رحمة ومحبة نقوم بها بكل إيمان وقناعة، إلى حين تستقيم الأمور في الدولة.
فلا بديل عن الدولة التي من واجبها أن تؤمن لجميع المواطنين والمواطنات الحد الأدنى من الحاجات الحياتية الأساسية. أملنا اليوم أن تدخل العائلة اللبنانية بأسرها في دينامية الحوار الناضج والمسؤول لإنقاذ لبنان والإنسان فيه.
وهذا لا يتحّقق إلا بتحمل المسؤولية الوطنية والحس الإنساني الصادق، بعيدا من السياسات الضيقة وعلى أسس حرية الخيارات ضمن الثوابت الوطنية، وبروح ديموقراطية لولادة لبنان المواطنة، من أجل استمرارية رسالته السامية، انحناء لتضحيات الآباء وتكريما لدماء الشهداء”.
وقال: “نحن شهود الرجاء أمام حركة تضامنية في المجتمع اللبناني، الذي يعاني الحرمان والعوز وأدنى مكونات العيش اللائق والكريم، من حق في التعليم والطبابة والحصول على الدواء والماء النظيف، والطاقة والمسكن الآمن للجميع، لا سيما إخوتنا الأكثر عوزا وفقرا.
كأن بالوطن هيكلا يهدم وثقافة تشوه وهوية تتبدل عناصرها المرتكزة على التنوع واللقاء والحوار والحرية، لصون الكرامة الإنسانية”. أضاف: “نجدد إيماننا بقوة الرب، الذي ينتصر على كل شر وحقد وخبث ورياء.
نجدد إيماننا بالرب الذي جعل من وطننا واحة روحية وإنسانية تشكل نموذجا دينيا واجتماعيا للعالم بأسره.
نؤمن أيضا بأن الرب قادر على جعل من أنقاد الهيكل أبناء لإبراهيم، ومما تبقى من مكونات الدولة وطنا متجددا لجميع أبنائه، لا سيما للأجيال الصاعدة، التي من حقها أن تبقى هنا، وتعمل هنا، وتفرح هنا، وتتحمل مسؤولية القيادة على أسس الأخلاق في إدارة الشأن العام والحوكمة السليمة والشفافية والمحاسبة والقضاء الحر.
هذه هي الأسس الأخلاقية والوطنية، التي عليها يتجدد لبنان، في مسيرة صادقة وقرار جريء في تنقية الذاكرة اللبنانية الجماعية”.
وأكد أن “الطريق هي صحوة التوبة والغفران”، مطالبا ب”تجدد القلب والفكر والإرادة لضمان غد زاهر”، وقال: “كل ممارسة بعيدة من هذه القيم لا حياة لها، فلا في منطوق الإيمان ولا في منطق الدولة الحديثة”.
ضاف: “المسألة تسمى بالقضية اللبنانية، التي علينا أن نعلنها لذواتنا كعائلة لبنانية موحدة، ونوصلها إلى أصدقائنا في العالم العربي والأسرة الدولية. ومن هنا، وجب تغليب مصلحة لبنان العليا لإنقاذ الوطن والمواطن بانتخاب رئيس للجمهورية يجدد الثقة بلبنان ويعيد له دوره ورسالته.
نسأل الله عز وجل أن يرحمنا ويعضدنا ويثبتنا في مقاصدنا بشفاعة القديس مارون، وأن يحفظ لبنان ويقوده إلى ميناء الخلاص والأمان”.
بعد القداس، تقبل سويف والآباء التهاني بالعيد في قاعة الكنيسة.
Related Posts