لطف الله ورحمته وحدهما أنقذا طرابلس ومناطق شمالية ولبنانية مختلفة من كارثة محقّقة كانت ستقع حتماً.. لو قدّر للزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر يوم الإثنين الماضي أن تكون إرتداداته أقوى على لبنان، وعلى دول أخرى كالعراق والأردن وفلسطين حيث شعر سكّانها بالزلزال، إنّما من غير أن يحدث فيها أضراراً بشرية ومادية.
فعند السّاعة الثالثة و20 دقيقة من فجر يوم الإثنين إستيقظ الطرابلسيون، ومعهم اللبنانيون، على كابوس مرعب، جعلهم يهيمون على وجوههم ومشاعر الخوف والهلع والقلق تسيطر عليهم، فهرع معظمهم نحو الشّوارع والسّاحات بلباس النوم وسط أجواء برد قارس، بينما توجّه قسم كبير منهم نحو معرض رشيد كرامي الدولي كونه أكثر أمناً بالنسبة لهم، حيث افترشوا باحاته والشّوارع المحيطة به، أو باتوا ليلتها داخل سيّاراتهم.
لكنّ خوف الطرابلسيين لم ينتهِ بانتهاء ذلك اليوم ومروره على خير، ذلك أنّ مشاهد الدّمار والجثث المنتشلة من تحت الأنقاض، جعلهم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من حصول هزّة أرضية جديدة، في القريب العاجل أو المستقبل البعيد، لأنّ من شأن ذلك أن يجعل الدّمار في طرابلس وجوارها أشدّ هولاً من المشاهد الماثلة أمام أعينهم هذه الأيام، والتي تنقلها لهم على مدار السّاعة محطات التلفزة ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي على اختلافها.
فالطرابلسيون على اختلافهم، مسؤولين ومواطنين، يعرفون أنّ مئات المباني في مدينتهم لا تمتلك المواصفات الهندسية المطلوبة، وأنّ مسحاً أوليّاً أُجري قبل فترة تبين خلاله أنّ أكثر من 600 مبنى مهدّداً بالإنهيار بسبب أخطاء إنشائية فيها، أو لأنّها قديمة لم تلحظ أيّ أعمال ترميم وتأهيل فيها منذ سنوات، وإمّا لأنّها من العشوائيات التي شهدتها المدينة في سنوات متفرقة نتيجة غياب الرقابة وضعف السّلطة المحلية المعنية.
فالمعنيون في طرابلس يعرفون أنّ عدداً كبيراً من المباني القديمة والعشوائية المنتشرة في مناطق القبّة وأبي سمراء وباب التبّانة وباب الرمل والأسواق القديمة، وحزم البؤس الممتد حول المدينة ويطوّقها من أكثر من جهة، تتعرّض سنوياً بسبب تصدّعها لانهيارات جزئية بشكل سنوي، بعضها فرغ من سكانه وأغلبها ما يزال سكّانها يخاطرون بالبقاء فيها، برغم علمهم بأنّ أيّ هزّة أرضية مقبلة مماثلة بقوتها لهزّة يوم الإثنين الماضي، سيجعل مشاهد الدّمار وانتشال الجثث، مثلما هي الآن في مدن سورية وتركية، تتكرّر في طرابلس.
لكن تجاوز طرابلس وجوارها هذه المحنة لا يعني أنّ بقاء الأمور على حالها يعني أنّها ستتجاوزها في أيّ هزّة مقبلة، ما لم تسارع السّلطات والجهات المعنية كافّة والأهالي إلى وضع خطة عملية وعلمية وعاجلة لمواجهة أيّ تهديد جديد لـ”حَراك” الطبيعية و”غضبها” قبل فوات الأوان.
Related Posts