لم يكد ينتهي الاجتماع الذي عقد بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولقاء “الفاعليات الروحية والسياسية والمدنية والثقافية بطرابلس” في السراي الحكومي صباح يوم الجمعة الفائت، حتى سنّ البعض أقلامهم وبدأوا هجوما غير مبرر تارة على “اللقاء” الذي تأسس في المدينة قبل نحو ثلاث سنوات برئاسة مفتي طرابلس على خلفية أزمة جائحة كورونا لمتابعة بعض الشؤون والشجون الطرابلسية ومعالجة بعض المشاكل، وتارة أخرى على الرئيس ميقاتي الذي كان ولا يزال يتابع أمور المدينة وينتظر إجتماعات كهذه للاطلاع على المشكلات عن كثب.
لم يكن في اللقاء ما يدعو الى كل هذا الاستفزاز، إلا لدى بعض أصحاب المواقف السلبية المسبقة من كل إيجابية يمكن أن تلحق بطرابلس، أو أولئك الذين يمعنون تهشيما وذما بقيادات طرابلس السياسية والدينية، ويريدون الحفاظ على الأزمات فيها بهدف الاستثمار السياسي الذي لا يخلو من الابتزاز.
من الطبيعي أن يجتمع “لقاء للفاعليات الطرابلسية” مع رئيس الحكومة الذي يمثل السلطة التنفيذية، سواء كان الرئيس من طرابلس أو من منطقة أخرى، ومن الطبيعي أيضا أن تطرح الشكاوى وأن يصار الى لفت نظر المسؤول الأول في البلاد الى حاجات المناطق التي تمثلها تلك الفاعليات.
وهذا ما حصل خلال الاجتماع، فتحدث المشاركون الذين يمثلون مختلف الفاعليات الطرابلسية عن أزمات ضاغطة تتعلق بالأمن والبيئة والتربية والصحة والوضع الاجتماعي، وحرصوا على مناقشتها مع رئيس الحكومة الذي لم يغدق وعودا بل على العكس كان أكثر واقعية، فعرض الواقع المؤلم لخزينة الدولة المفلسة، لكنه توصل مع المشاركين الى قواسم مشتركة يمكن من خلالها معالجة بعض الأزمات لا سيما على صعيد مكب النفايات الذي تم تكليف لجنة لوضع حد نهائي للمخاطر الناتجة منه بتمويل كويتي، وتنفيذ محطة الطاقة الشمسية في معرض رشيد كرامي الدولي والتي تتابعها هيئة إنماء الشمال برئاسة رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي، وبعض الأمور الطارئة المتعلقة بأزمة أدوية السرطان التي طرحها النائب طه ناجي، وأزمة الأدوية المزمنة التي طرحها ممثل النائب فيصل كرامي عبدالله ضناوي، وأزمة الأمن التي طرحها رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري.
ما حصل في السراي الحكومي من المفترض أن لا يزعج أحدا، بل على العكس يجب أن يشكل حافزا لعقد المزيد من هذه اللقاءات لانتزاع أكبر قدر ممكن من المعالجات، إلا إذا كان الانزعاج هو فقط من التضامن مع مقام رئاسة الحكومة لأسباب سياسية في ظل الهجمة الشرسة المتعددة الأوجه على رئيس الحكومة وعلى الخطوات التي يقوم بها من أجل خدمة الناس، علما أن الانزعاج بلغ مداه في طرابلس من بعض الهجوم الذي طال سماحة المفتي محمد إمام الذي يعتبره أبناء المدينة خط أحمر ولا يقبل أي كان بالتشكيك بالجهود التي يقوم بها لخدمة المدينة الى جانب المطارنة يوسف سويف وأفرام كرياكوس وإدوار ضاهر، وسائر أعضاء “اللقاء الطرابلسي” الذي ربما بدأ يشكل قلقا لبعض القوى.