لبنان إلى أين سياسيا واقتصاديا مطلع العام ٢٠٢٣ (الجزء الثاني والعشرون) .. الدكتور بول جلوان: ندعو جميع المُخلصين للعمل من اجل قيام دولة العدالة والتجدّد

 الدكتور طلال حمود: 

ما إن بدأ العام الجديد وبدل ان تتبدّل احوال اللبنانيين من السيئ الى الأفضل ولو بشكلٍ نسبي، لأن علينا ان نُحافظ دائماً على بعض الأمل والتفاؤل والإيجابية لكي نستمرّ في مشوار حياتنا، بدل ان نغرق في بحر الأزمات الخانقة والقلق والهموم المُتراكمة علينا من كل هدبٍ وصوب، وبعد مرور ثلاثة اسابيع على بداية هذا العام الجديد بدأت الغيوم الداكنة المشبعة بالسموم المُخيفة وبأخبار التشنّج والتوتّرات الخطيرة تتكدّس فوق سماء هذا الوطن بحيث اصبح الجميع يتكلّم عن الإنفجار الكبير الآتي قريباً جداً والذي اصبح من البديهيات بالنسبة لمعظم الخبراء والمحلّلين، وبحيث اصبح توقيت إنطلاق شراراته قصّة ايام او اسابيع فقط. فالمشهد السياسي والإداري والقضائي تحديداً شهد في الأيام الأخيرة تطوّرات مُريبة عزّزت الإنقسام والتشظي القائمين في البلد، واظهرت ايضاً الإنقسامات والصراعات الخطيرة التي تدور داخل الجسم القضائي المفترض ان يكون بعيداً كل البعد عن كل هذه التجاذبات السياسية والتدخلات الداخلية والخارجية في مسارات التحقيق في كافة الملفات المطروحة امام قضاة لبنان. وكذلك هو الأمر بالنسبة للوضع الإقتصادي الآخذ في الإنحدار السريع نحو هوّةٍ خطيرة مع الإرتفاع الصاروخي في سعر صرف الدولار الأميركي ومعه كل السلع المستوردة وغير المستوردة وخاصة المحروقات. إذاً فالوضع يتعقّد بشكلٍ كبير يوماً بعد يوم وليس هناك حتى الساعة بوادر لحصول اي إتفاق على ايٍ من الملفات وبدل حصول كل الإنفراجات التي ننتظرها منذ ثلاث سنوات تقريباً على كافة الصعد فإن الغيوم السوداء تتلبّد بسرعة هائلة في سماء لبنان، بما يُنذر بحصول إنفجارات خطيرة إجتماعياً ومعيشياً وحتى امنياً مع كل ما يحدث في الشارع اللبناني.

نستكمل حوارنا اليوم، ونتابع، في الجزء الثاني والعشرين، مداخلة الدكتور بول جلوان؛ وهو أستاذ جامعي في تعليم الرياضيات وإدارة مختبر الرياضيات والعلوم. مُؤسّس لعدّة جمعيات تربوية وتعاونية ونقابية واجتماعية، ناشط في مجال السياسي والاجتماعي، وعضو مُؤسّس للمركز اللبناني للتخطيط الاستراتيجي.

والدكتور جلوان ناشط قديم في الحراك الوطني وفي مجال السعي للتغيير وخلاص لبنان من الطبقة الفاسدة الحاكمة، وقد شارك الملتقى في عدة نشاطات سابقة، من اجل السعي لإيجاد مخارج للأزمات السياسية، والإقتصادية، ومناقشتها، وطرح مقترحات وحلول لها.

 

 *جلوان* :

اعتبر د.جلوان ان امكانية ايجاد مخارج بالتوافق على انتخاب رئيس ممكن لكنه لن يكون رئيسا للجمهورية، لانعدام وجودها، بعد ان فقدت كل مقوماتها في ظل الشرذمة الحاصلة على الساحة السياسية. ان تجربة التوافق اثبتت انها محاصصة وتكاذب وليست لبناء دولة الانسان وتحقيق جمهورية العدالة والديمقراطية.

والتدخل الخارجي قد يساعد في الوصول الى اتفاق مرحلي لكن المخرج الثابت الدائم يكون بقيام دولة متجددة متطورة ترعى الشأن العام وتؤمن رفاه العيش لشعبها، دولة نظيفة بانسانها ومؤسساتها وبيئتها ومقوماتها وانتاجها بكافة مجالاته.

فكما سبق في العام ١٩٧٠ ان طوق اكثر من ٢٥٠٠٠ طالب البرلمان لمدة يومين متتاليين، بقيادة حركة الوعي للاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، وفرضنا ادراج القوانين، على جدول اعماله، والمُتعلقة بإنشاء الكليات التطبيقية، كذلك لشعبنا الحق بالثورة على الفاسدين الذين اوصلوا الجمهورية اللبنانية الى هذا الانهيار الكامل.

وكي لا يتكرّر الفشل في تجربة الانتفاضة الذي حال دون تحولها الى ثورة كاملة، علينا ان ننتظم خلف قيادة مُوحّدة بغاياتها واهدافها تجسد صوت الرعية، والرعية تعرف صوت راعيها، ونتجمع سلمياً بالألوف في ساحات البرلمان، لوضع حدّ لمهزلة تطيير النصاب بحجة التوافق الواهية التي دمّرت المؤسسات واطاحت بالجمهورية!؟ فلا يغادر النواب الجلسة الا بعد خروج الرئيس المُنتخب الذي عليه ان يُبلغ الجمهور بإلتزامه الكامل ببرنامجه الهادف الى قيام دولة القانون، دولة العدالة والتجدّد والرفاه والمستقبل الواعد الامن.

اما البطريركية، فبعد ان فشلت في مسعاها بحصر التمثيل بأربعة قياديين، لم تصفوا نواياهم المُتبادلة، وتوخي الحلّ من خلالهم ما عليها سوى التسلّح بالموقف المبدئي وتجنّب الدخول في زوايا سياسة المُحاصصات المُعتمة الفاسدة. 

اما الإنقاذ الاقتصادي فلن يكون على يدّ من هدروا ونهبوا اموالنا بالمليارات، بشبق لم يعرف مثله التاريخ.

والخطوة الاولى يجب ان تقوم بها حكومة ناتجة عن انتخاب رئيس الجمهورية وهي توقيع اتفاق مع البنك الدولي لإستعادة الثقة الدولية تليها خطوات انقاذية ضرورية: 

– استكمال التدقيق الجنائي وتكوين محكمة كاملة الصلاحيات تستدعي كل مُرتكب انتهك قدسية المال العام ومن تآمر وأهمل واثرى بالطُرق المشبوهة للمحاكمة واعادة المال المنهوب الى مالية الدولة.

-اعادة نظر جذرية في جميع ادارات المؤسسات لإطلاق ورشة بناء الانسان في المجالات كافة، لا سيما التربية والقضاء والصحة والامن والتخطيط والاقتصاد…لقيام وطن نظيف بإنسانه وارضه وبيئته وممارسات مواطنيه ليستعيد دوره الريادي الحضاري النهضوي في محيطه والعالم، فيصل من خلال ذلك لبنان الى برّ الامان ويستحق اهلنا تضحياتهم ودماء شهدائهم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal