خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، اليوم السبت، تصنيف تونس إلى درجة Caa2، التي تعني تعرض الحكومة والبنك المركزي إلى مخاطر مالية عالية، وهي نفس الدرجة التي منحتها الوكالة العالمية للبنان قبل شهر واحد من إعلانه التخلف عن سداد ديونه في آذار 2020.
وقالت “موديز” في تقريرها حول تونس إن خفض التصنيف الائتماني “يعود لعدم وجود تمويل شامل حتى الآن لتلبية احتياجات الحكومة مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد”، مضيفة أنّ عدم تأمين برنامج تمويلي جديد من قبل صندوق النقد الدولي على الرغم من التوصل إلى اتفاق إطاري مع تونس في تشرين الأول 2022، أدى إلى تفاقم وضع التمويل الصعب وزيادة الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.
وأشارت إلى أنّ ضعف الحوكمة والمخاطر الاجتماعية الكبيرة يفسران جزئياً وصول تونس إلى مثل هذا المنعطف الحرج.
وتقترب تونس من السيناريو اللبناني، إذ سبق أن خفضت “موديز” تصنيف لبنان في شباط 2020 إلى درجة Caa2، لتخرج الحكومة اللبنانية بعدها بنحو شهر واحد وتشهر تخلفها عن سداد الديون، بعد أن بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة في ظل انهيار مالي خطير. وقال الخبير المالي التونسي آرام بالحاج عبر صفحته على “فيسبوك” إنّ تصنيف موديز الأخير لتونس “مؤشر خطير”، مشيراً إلى أنّ هذا التصنيف “يعني للأسواق أنّ الدولة التونسية على حافة الإفلاس، وأنّ التمويلات التي ستُقدّم لتونس مستقبلاً تُعتبر مخاطرة كبيرة”.
وأشار بلحاج إلى أنّه يفصل تونس عن أنه “بلد مفلس تماماً” درجة واحدة وهي Caa3، لافتاً إلى أنّ تقرير وكالة التصنيف الدولية واضح في تقديم الحلول لتفادي مرحلة الإفلاس، إذ طالبت الوكالة بضرورة الوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي ورفع حالة الضبابية السياسية الموجودة في البلاد إلى جانب التوافق حول الإصلاحات التي جاءت في برنامج الحكومة المقدم إلى صندوق النقد الدولي وضرورة دعم الاحتياطي من العملة الصعبة في المستقبل المنظور.
وتحتاج تونس إلى تمويلات خارجية بقيمة 4 مليارات دولار من أجل تمويل الموازنة والالتزام بسداد أقساط ديونها الخارجية. وكشف تقرير أصدرته وزارة المالية في كانون الأول الماضي، أن الدين العام ارتفع إلى أكثر من 110 مليارات دينار (حوالي 35.5 مليار دولار) ما يشكل 80.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 79.9% في 2021.
ولفت التقرير الذي نشرته وزارة المالية على موقعها الرسمي إلى صعود الدين الخارجي إلى مستوى 66.2 مليار دينار، ما يشكل 60% من إجمالي الدين العام، وذلك مقابل قروض داخلية بقيمة 43.9 مليار دينار.
وفي تشرين الأول الماضي، خفضت موديز تصنيف تونس إلى Caa1 وسط آفاق سلبية.
وشمل التخفيض البنك المركزي باعتباره ضامناً لسداد السندات السيادية (أدوات الدين) التي تصدرها الحكومة.
وقالت الوكالة حينها إن تخفيض التصنيف إلى Caa1 يعكس ضعف الحوكمة وزيادة المخاطر فيما يتعلق بقدرة الحكومة على اتخاذ تدابير من شأنها ضمان وصول البلاد إلى تمويلات جديدة لتلبية الاحتياجات المالية المتفاقمة على مدى السنوات القليلة المقبلة.
كذلك وضعت “موديز” تونس ضمن مجموعة بلدان تشكو التعثر المالي على غرار السلفادور والعراق وإثيوبيا ومالي وسريلانكا.
وتوصلت تونس قبل نحو أربعة أشهر إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي يقضي بإقراض البلاد 1.9 مليار دولار مقسطة على 4 سنوات، غير أنه لم يتم توقيع الاتفاق النهائي، بينما توقع محافظ البنك المركزي مروان العباسي بداية كانون الثاني الجاري التوصل إلى اتفاق نهائي في أجل قريب، دون ذكر تاريخ محدد، وذلك بعد إتمام المصادقة على قانون إصلاح المؤسسات الحكومية والتوافق بشأنه مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
وبرر العباسي في مؤتمر صحافي أسباب سحب صندوق النقد الدولي ملف تونس من جدول أعمال مجلسه التنفيذي خلال كانون الأول الماضي بعدم جاهزية الملف التونسي للتوقيع النهائي للاتفاق، موضحاً أنّ توقيع اتفاق نهائي “كان يتطلب إصدار قانون المالية لسنة 2023 (الموازنة العامة) والمصادقة على قانون هيكلة المؤسسات الحكومية”.
وأشار إلى أنّ الوضع المالي في تونس يبقى صعباً، ما لم يُتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، يساعد على تعبئة موارد لدعم الموازنة والخروج إلى السوق المالية الدولية للحصول على قروض إضافية.
(العربي الجديد).
Related Posts