حمود:
بعد انتهاء العام ٢٠٢٢ والذي كان عاماً مؤلماً ومزعجاً ومقلقاً لكافة
اللبنانيين سواء في الوطن او في بلاد الإغتراب، فهم مُحبطون، خائفون على مصير بلدهم، وينتقلون من أزمة إلى أخرى. فمشاكل السياسة والسياسيين لا تتوقّف، خصوصاً بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وبدء عهد حكومة تصريف الاعمال والخلاف الدستوري الكبير حولها، ما ادخلنا في خلاف كبير حول صلاحياتها ودستورية عقدها لجلساتها وللقرارات الناتجة عن تلك الجلسات. لقد وجد اللبنانيون ان كل فريق من أهل السلطة يحاول تسجيل نقاط ضد الآخر، ودخلت لعبة حرب البيانات على الساحة اللبنانية، بين مصادر التيار ومصادر الرئيس نجيب ميقاتي وذلك حول شرعية الجلسات ومتى تُعقد ولماذا ؟! واستنفر الجميع للنقاش والإستفسار حول هل يحقّ للحكومة التصدّي لحلّ الأزمات والمشكلات الأساسية المُعقّدة التي تواجه البلد ام هي فقط لتسيير الامور المُلحة والحيوية الطارئة؟!
كذلك انّ التخبّط ما زال قائماً على المستوى الاقتصادي والنقدي مع استمرار الإرتفاع الصاروخي في سعر صرف الدولار الأميركي وتدهور قيمة الليرة اللبنانية، وهذا ما تسبّب بخسائر هائلة عند كل اللبنانيين وشكّل هاجساً وقلقاً كبيراً عندهم ، بالاضافة لازمة الكهرباء المستمرّة والتي تكهرب البلد اكثر بسببها والتي من الممكن ان تؤدّي الجلسة المنْوي عقدها من اجل معالجة بعض ملفاتها الى تفاقم التباعد والتصدّع والإنقسام الحاصل في لبنان وخاصةً تلك المتعلّقة بالإتفاق بين التيار الوطني الحرّ والمقاومة.
وإستكمالاً لنشر ما كنا قد بدأنا نشره في الأيام السابقة، نبقى اليوم مع رأي صديق عزيز جمعتنا به صداقة قديمة، متواضع،صريح صادق وشفّاف ولا يعرف اللف والدوران المعتمدين من قبل اكثرية الساسة في لبنان. زرناه مراراً في منزله في الحازمية، وشاركنا منذ تأسيس الملتقى بالكثير من المداخلات والنشاطات وكان من ضمنها ندوة حول قانون الإنتخابات على اساس النسبية بمشاركة الوزير السابق شربل نحّاس والخبيرين الإنتخابيين محمد شمس الدين وربيع الهبر. قراءته للوقائع وللأحداث السياسية تتسم بالموضوعية والواقعية، وقد شرح لنا في مداخلته الإستشرافية للعام ٢٠٢٣ الكثير عن المرحلة القادمة وكيف يرى اتجاه الأمور سياسياً واقتصادياً، انه وزير الداخلية السابق، العميد مروان شربل الذي ورغم تشديده على صعوبة انتخاب رئيساً حالياً، الّا أنّه مُتفاءل نسبياً فيما يخصّ الربع الاول من العام ٢٠٢٣. وقد اكّد ايضاً ان الوصول الى حلول تمكّننا من عبور الاستحقاق الرئاسي ستصل الى نتيجة قريباً، وشدّد على ضرورة الحوار بين الكتل الوازنة للتوصل الى تلك الحلول التي يراها مُمكنة وغير مُستحيلة، على عكس اراء بعض الاصدقاء الذين حاورناهم سابقاً، والذين اتت مداخلاتهم معظمها متشائمة وقاتمة سياسياً وإقتصادياً.
واليكم فيما يلي المداخلة القيمة التي ارسلها لنا.
شربل:
وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل نوّه في البداية بالدور الوطني الكبير الذي يلعبه ملتقى حوار وعطاء بلا حدود منذ تأسيسه وحتى تاريخ اليوم، وشكر منسّق الملتقى الدكتور حمود وكل اسرة الملتقى على هذه الجهود الكبيرة التي يبذلونها في سبيل تقريب وجهات النظر والسعي لفتح قنوات الحوار بين اللبنانيين ولطرح كل انواع الأزمات السياسية والإقتصادية والمعيشية التي يتخبّط بها لبنان على بساط البحث من اجل السعي لوضع مقترحات عملية للخروج من المأزق وذلك رغم تواجد الدكتور حمود خارج البلاد منذ بداية الأزمة، وهذا ما يشجّعنا للتفاعل مع مبادرات الملتقى ودعم مسيرته. واكّد شربل انه ولسوء الحظ، لم ينفذ مجلس النواب المادة ٧٣ من الدستور والتي تفرض على انتخاب رئيساً خلال مهلة شهرين من انتهاء ولاية الرئيس القديم، و هذا الأمر لم يقم به المجلس، وبذلك يكون قد خالف الدستور، ومن غير المُمكن محاسبته لأنه في النظام الداخلي لمجلس النواب لا يستطيع النائب الغياب الّا بعذر شرعي، و لم يحدّد النظام الداخلي محاسبة النائب في حال الغياب دون عذر شرعي وهنا تكمن مشكلة كبيرة وهي ثغرة في النظام الداخلي للمجلس. اما من اجل الانتهاء من هذا المأزق الذي نعيش فيه بحيث انه مرّ ٤ اشهر او اكثر مع عدم انتخاب رئيس، فيجب أن يتمّ الإتفاق. فالمشكلة حلّها بالحوار، ودون الحوار لا نستطيع أن نغيّر شيئاً، و مجلس النواب في تركيبته الحاضرة لا احد يستطيع ان يجمع ال ٨٦ نائباً، ومن المُمكن الحصول على ٦٥ نائباً بالإتفاق عبر اختيار شخصين،
والشخص الذي يحصل على ٦٥ صوتاً يصبح رئيساً للجمهورية.
واكمل شربل انني اتمنى أن تكون هذه الطريقة معتمدة لأن لا يجوز عدم تسمية رئيس للجمهورية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية بسرعة. وهناك اسماء معلنة كالوزير سليمان فرنجية
وهو المرشح الأكثر حظّاً حتى اليوم، وخاصة إذا حصل تسوية بين حزب الله مع التيار الوطني الحرّ، وهناك اسماء اخرى خفيه او معلنة مثل العماد جوزيف عون وغيره. وبالنهاية اعتقد ان أي عمل اصلاحي (كإنتخاب رئيس للجمهورية) سيضع البلد على سكة الحلول، اما الوصول إلى عتبة الإنقاذ فيلزمه توافقات عديدة جميعها تحتاج للتوافق ولموافقة الرؤساء الثلاثة بدءاً من الإتفاق مع صندوق النقد الدولي
وتنفيد الإصلاحات الإقتصادية والمالية وخاصة خطة التعافي. اما العلاقة بين التيار وحزب الله ستتفعّل و تتطوّر بداية العام ٢٠٢٣، وستجتمع اللجان التي حضّرت لدراسة ولتطوير التفاهم (تفاهم مار مخايل) والخلافات التي كانت حاصلة بين رئيس الجمهورية
ورئيس مجلس النواب أدّت الى عرقلة الكثير من الاصلاحات، ولم يتمّ حتى اليوم تنفيذ الكثير من القوانين المطلوبة من صندوق النقد الدولي لأسباب مختلفة، وكذلك الأمر بالنسبة لخطة التعافي و الكابيتال كنترول. والظروف الحالية لا تسمح ب تشكيل او عقد مؤتمر تأسيسي جديد لإعادة النظر في الدستور وكل ما يمكن فعله هو تطبيق الدستور ( الطائف) كاملاً وتعديل بعض البنود فيه بالتوافق.
وانهى شربل كلامه بالقول ان تقديراته للعام ٢٠٢٣ تُشير الى وجود إشارات إيجابية واضحة، والبدء بعدّة تحركات اولها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يليها تفعيل مسالة التنقيب عن النفط والغاز وتأليف حكومة مُتجانسه تُطبّق الإصلاحات في أسرع وقت مُمكن، حتى لا تتكاثر علينا الازمات وحتى لا نتطوّر الى ازمات امنية تستدعي تدخل عسكري او خارجي وربما دولي، مُتسائلاً هل هذا هو المطلوب من بعض القوى الداخلية، وسنرى!.
Related Posts