بلغت مهزلة الكهرباء ذروتها مع الدور الهزلي لوزير الطاقة وليد فياض الذي خالف القانون باستقدام بواخر الفيول قبل فتح الاعتمادات المالية وبمراكمة الغرامات على الدولة جراء عدم تفريغها والتي بلغت حتى الآن مئات آلاف الدولارات، ما يطرح علامات استفهام حول ما اذا كان هناك صفقة مشبوهة من وراء هذا التصرف غير المسؤول.
وما يثير الاستغراب أكثر، هو ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عندما حاول تلقف الازمة ووقف النزيف المالي من الدولة لحساب الشركات بعقد جلسة لمجلس الوزراء لاصدار مرسوم السلفة المالية لشركة كهرباء لبنان حسب الاصول، بادره الوزير فياض بسلبية مطلقة رافضا حضور الجلسة التزاما بقرار تياره السياسي، ومؤكدا أنه سيمتنع عن توقيع المرسوم كوزير مختص، في وقت يسعى فيه فياض الى تمرير مرسوم غير قانوني بين وزارة الطاقة ووزارة المالية، ما قد يعرضه للمساءلة وفق قانون المحاسبة العمومية، والامر الذي يرفضه وزير المالية جملة وتفصيلا..
ربما تتناسى التيارات السياسية أن شؤون المواطنين يجب ان تكون في رأس سلم الاولويات وان القانون والدستور وُضعا من اجل خدمة الناس وتحقيق مصالحهم، وأي مسؤول يتنكر لازمات المواطنين يفتقد للحسّ الوطني الصحيح.
لا شك في أن الازمات التي تتوالد في البلاد وترخي بظلالها القاتمة على العباد المحرومين من أبسط مقومات العيش الكريم، تتطلب انعقاد دائم لمجلس الوزراء لاصدار المراسيم الضرورية لمعالجة هذه الازمات والتصدي لها، ومن يعارض ذلك او يقاطع لأي سبب يتخلى عن انتمائه الوطني الذي من المفترض ان يتجاوز السياسة والطائفية والمذهبية.
من هنا، تأتي أهمية دعوة الرئيس نجيب ميقاتي الى عقد جلسة لمجلس الوزراء بغض النظر عن رأي البعض فيها، خصوصا ان من لديه حل دستوري آخر يساهم في حل ازمات اللبنانيين لا سيما الكهرباء فليقدمه أو فليلتزم بمسؤولياته التي تحتم عليه المشاركة في اجتماع الحكومة، خصوصا ان المراسيم الجوالة غير دستورية ولا تقوم مقام مجلس الوزراء في أي شأن سياسيا كان أم معيشي.
لم يعد المواطنون قادرين على الانتظار، في وقت تكاد فيه هذه المراوحة التي تدل على لامبالاة بهمومهم قاتلة، فهل المطلوب أن يؤجل اللبنانيون معاناتهم واوجاعهم وامراضهم وكل شؤون حياتهم حتى يرضى
هذا التيار أو ذاك، أو حتى يصار الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة؟، وكيف سيكون عليه الوضع في حال تأخر ذلك سنة أو أكثر؟، وهل يموت اللبنانيون كرمى لهذا المقام او ذاك ومن اجل الشغور أو الميثاق الذي يُتخذ شماعة للتعطيل؟.
لم يعد من الممكن استغلال آلام الناس لتحقيق مكاسب سياسية أو تسجيل نقاط، فالوضع على حافة الانفجار والفوضى بدأت تطل برأسها وتلبس لبوس التوترات الامنية التي قد تفضي الى حرب، وكل ذلك لم يحرك ساكنا لدى بعض المعنيين الذين يصرون على شلّ المؤسسات.
أمام هذا الواقع، فإن المسؤولية الوطنية تحتم على الرئيس ميقاتي الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، وهو كان على قدرها بإعلانه أنه سيفعل من دون أن “يسأل من يمكن أن يحضر الجلسة أو يتغيب عن حضورها وليتحمل الوزراء مسؤولياتهم تجاه اللبنانيين”، كذلك كان ميقاتي على قدر كبير من المسؤولية عندما تصدى لحملة الافتراء التي تطاله من بوابة “ليبان بوست” التي وضع ملفها كاملا في عهدة القضاء المالي وطلب منه التحقيق وتحديد كل المسؤوليات.
Related Posts