كتب المحرر السياسي
ما تزال اهداف زيارة الوفد القضائي الأوروبي (فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ) الى لبنان ما بين 9 و29 كانون الثاني المقبل، للاستماع الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول قضايا فساد تتعلق بالتحويلات المالية الى الخارج مبهمة، حيث لم يكشف أحد ما اذا كانت للاستيضاح او للاستجواب وما يمكن أن ينتج منه من اجراءات.
في حال كانت المهمة استضاحية فهي ربما تكون طبيعية، انطلاقا من حق القضاء الاوروبي او غيره في جمع المعلومات والاستفسار عن بعض الشكاوى المتعلقة بالقضايا المالية.
أما إذا كانت لاستجواب رياض سلامة وتوجيه الاتهامات اليه، فإن الامر سيكون مختلفا، خصوصا أن التحقيقات التي تجري على الاراضي اللبنانية هي من إختصاص القضاء اللبناني، وأن اي تحقيق يريد القضاء الاجنبي القيام به يجب ان يكون عبر استنابات قضائية ينفذها قضاة لبنانيون، وما دون ذلك فهو مخالف للقوانين المرعية الاجراء، لا سيما أن اتفاقية مكافحة الفساد التي وقع عليها لبنان تلزمه تلبية مطالب السلطات القضائية الاجنبية لكن بشرط ان يتوافق ذلك مع القوانين اللبنانية، فهل ما يحصل اليوم قانوني؟..
تقول مصادر مطلعة، أن الامر الرسمي الوحيد الذي تم، هو ابلاغ مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بزيارة الوفد القضائي الاوروبي الى لبنان للاستماع الى رياض سلامة ونوابه واصحاب ومدراء مصارف، وما دون ذلك يفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات والمخاوف كونه يشكل سابقة في تاريخ لبنان، لجهة: هل سيتم التحقيق مع سلامة بإشراف القضاء اللبناني؟ ومن هم القضاة الذين سيُنتدبون لهذه المهمة؟ وهل سيعلق هؤلاء القضاة اعتكافهم أو اضرابهم لمشاركة القضاة الاوروبيين في مهمتهم؟،
أم ان التحقيقات سيتولاها القضاة الاوروبيون حصرا؟.
وإذا كان الامر كذلك، ألا يُعتبر ذلك انتهاكا للسيادة اللبنانية بالدرجة الاولى ومن ثم ضربا لسيادة وهيبة القضاء في لبنان؟، وهل يُعتبر ذلك بداية وصاية على لبنان وقضائه؟، وهل هكذا يتم التعامل مع بلد تتغنى تياراته السياسية بسيادته وحريته واستقلاله؟ وأين دعاة السيادة من هذا التصرف؟. وأين سيقوم الوفد القضائي بمهمة التحقيق في قصر عدل بيروت ام في السفارات؟، واذا كانت هذه هي البداية، ماذا يمنع القضاة الاوروبيين من الدخول الى ملفات قضائية أخرى؟..
لا يختلف إثنان على أن من حق اللبنانيين ان يعرفوا أين ذهبت الودائع وان يكشفوا مزاريب الهدر والفساد، وان يطلعوا على حقيقة التحويلات المالية الى الخارج، لكن عدم فصل السياسة عن القضاء، هو ما ادى الى طمس الكثير من الحقائق.
كذلك، فإن القضاء السويسري سبق وتحرك ضد سلامة من دون أن يصل الى أية نتيجة ملموسة، فضلا عن الشكاوى التي جرى تقديمها في أكثر من بلد أوروبي وتبين انها لا تستند الى وقائع، فهل تسير مهمة القضاة الاوروبيين في حال حصلت، على نفس المسار وتنتهي الى لا نتيجة؟، ثم بعد ذلك هل سيمثل رياض سلامة امام المحققين الاجانب؟ علما ان بعض المصادر تؤكد بأنه قد يرفض المثول امامهم، وقد يكون ذلك من حقه، لكن الخوف من أن يؤدي ذلك الى عقوبات عليه أو على لبنان!..
Related Posts