صدر عن نائب رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال الدكتور سعادة الشامي البيان الاتي:
“من مفارقات الأزمة التي يمرّ بها لبنان أنها أنتجت طبقة من “الاقتصاديين الجدد” الذين هم، إمّا دخلاء على علم الاقتصاد وأما اقتصاديون تنكروا لما تعلموه لمآرب شخصية وآنية. هؤلاء ينظّرون في كل شاردة وواردة ويسرحون وَيمرحون على مسارح شاشات التلفزة ويتكلمون بثقة كبيرة وكأنهم ختموا العلم والمعرفة، ويتهجمون على الذين يعملون بصمت ويتسمون بالتواضع الذي هو من سمة الذين يحترمون الرأي الآخر ، وهو دليل رقي، وليس كما يظن البعض دليل ضعف. أما تعالي البعض وعجرفتهم فهي، إما دليل جهل أو مصدر رزق. لقد أعمت المصالح الخاصة وتضاربها بصيرة بعض الذين يدعون المعرفة المطلقة بكل شيء، وانحدر مستوى تحليلاتهم إلى ما دون الصفر، إلى حدٍّ يثير الشفقة والحزن الى ما وصلوا اليه. هذا الجنس من “الخبراء” هم ًالأسوأ من لأنهم ربما يدرون ماذا يفعلون”.
اضاف:”إني أتفهم أن يصدق بعض المتضررين من الأزمة وعود هؤلاء “الخبراء” الفارغة التي لا تستند إلى أساس منطقي أو علمي. ولكن ليس من الطبيعي ولا المنطقي ولا الأخلاقي أن يصب هؤلاء المستاؤون من تجاربهم غير الموفقة، حتى لا أقول الفاشلة جام غضبهم على خطة الإصلاح المالي والاقتصادي ويزوّرون بعض معالمها بدل أن يحاولوا إغناءها وتحسينها إذا دعت الحاجة لذلك. انهم يستخفون بعقول الناس والناس أذكى بكثير ممّا يعتقدون”.
واوضح ان “الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلسأً واحدا لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينم عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها، فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان”.
وتابع:”فالوضع صعب وًصعب جدًا وًيحتاج الى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة وًمؤلمة للخروج من هذه الازمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية؟ المؤسف أيضا أن بعضاً من هؤلاء الجهابذة كانوا وفي الماضي القريب يرددون أنه ليست هناك من ازمة في ميزان المدفوعات وأنه ليس هناك من خطر على الليرة، وأن لبنان غير مؤهل لاتفاق مع الصندوق! هم نفسهم اليوم وبدل أن “ينكفئوا” لأنّه لا صحة لما ادعوه في السابق ويدّعونه اليوم، ما زالوا يتحفونا بنظريات بائسة واتهامات باطلة. بئس هذا الزمن الذي وصلنا اليه حيث بات أصحاب النظريات الفاشلة على أرض الواقع والمسيرات المهنية الواهنة ينظّرون على الذين يعملون بصمت وتصميم للخروج من الأزمة”.
وأردف:”يشدد هؤلاء “الاقتصاصيون” على استعمال كلمة “شطب الودائع” ويرددونها بانتظام لغاية في نفسهم أو نفوس أشخاص أو مجموعات أخرى حتى ترسخ هذه الكلمة في الأذهان وللايحاء بأن الحكومة هي ضد المودعين وهم الذين لم يتفوهوا بكلمة واحدة منذ ان بدأ المودعون يخسرون قسمًا كبيرا من قيمة ودائعهم قبل ثلاث سنوات. وكذلك من المستهجن أن تدب الغيرة على مصلحة المودعين من قبل مجموعات معروفة بعد أن تيقنوا أن استنزاف اموال المودعين بالطريقة التي كانت عليها لم تعد صالحة مع برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي اتفق على أساسه مع صندوق النقد الدولي والذي أسس لعملية إصلاح متكاملة تنصف المودعين الصغار وتؤسس للتعويض على كبار المودعين (والذي لا مجال للدخول في تفاصيلها الآن وإن كنا قد شرحناها في السابق لمن يريد أن يسمع) اما البدائل الأخرى على قلتها فهي تبقى مجرد وعود واهية لا ترتكز على أي اسس يمكن البناء عليها. أضف إلى ذلك ، هؤلاء المنظرون تغافلوا وبقصد عن كل السياسات الأخرى التي تشكل عناصر البرنامج وتجعله برنامجاً إصلاحياً متكاملاً يؤسس لتعافي اقتصادي متين يضع البلد على الطريق الصحيح”.
وختم مؤكدا:” لقد تمادى “الأقتصاديون الجدد” وعن سابق تصور وتصميم بهدف الانقضاض الممنهج على برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي بدونه سيذهب البلد إلى قعر أعمق من الذي نحن فيه اليوم. نعم إن نجاح خطة الحكومة ليس مضمونا إذا لم نقم بكل الإجراءات الضرورية المطلوبة وفي الوقت المناسب وان ذلك دونه صعوبات جمة وبخاصة مع التقاء مصالح بعض “النخب” مع مصالح بعض صانعي القرار في لبنان. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق ان نضعف أمام التحديات الهائلة التي نواجهها، بل على العكس يجب العمل بكل ما أؤتينا من قوة لتحقيق ما هو مطلوب. وهنا يحضرني قول للأديب الكبير سعيد تقي الدين “ليس المهم أن تصرع التنين بل المهم أن تصارعه”. وها نحن نصارع هؤلاء التنانين وقد نفشل ولكن على الأقل سيكون لنا شرف المحاولة”.
Related Posts