إنقضت سبع عشرة سنة واللبنانيون يتطاحنون على تحالفات أفرزها العام 2005 إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري بين قوى منضوية تحت مسمى الثامن من آذار وأخرى تحمل لواء الرابع عشر من الشهر نفسه وكلٌ منهم “يستقتل” للدفاع عن شعاراته عبر محاولة إثبات أن خياراته هي الأسمى، فيأخذون معهم اللبنانيين “المتجلجبين بوسائل تواصلهم الاجتماعي المتفلتة من كل عقال” الى هذا المنعطف الخطير أو ذاك، من دون أن ينجح أي منهم في كسب قصب السباق.
منذ بضع سنوات بدأت الشروخ تتسلّل الى قوى الرابع عشر من آذار حول من سيتقدم على من، الى أن إنكفأ “تيار المستقبل” عن العمل السياسي، وأفرزت الانتخابات النيابية الأخيرة مجموعة من القوى المصرّة على رفع شعارات التغيير التي لا يمكن ان يتقدم عليها إصلاح وتشرذمت القوى الى مجموعات تفتش كلاً منها عن اسم لترفعه مرشحاً الى رئاسة الجمهورية التي تعودت على الفراغ في كرسيها سنوات وسنوات.
مطلع الاسبوع الفائت دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى جلسة استثنائية لحكومته من أجل معالجة بعض القضايا المعيشية والصحية التي لا تحمل تأجيلا. فانعكس انعقادها وبالاً على تحالفات الثامن من آذار، فاستنفر التيار الوطني الحر جهوده للحؤول دون انعقاد الجلسة، وعندما انعقدت بمشاركة وزراء “حزب الله” تفلت عقال المجّن في تصريحات النائب جبران باسيل وذبابه الالكتروني الأمر الذي رد عليه الحزب وهو عادة ما يعتمد “التقية” في مواجهاته السياسية ولاسيما مع حلفائه الى وصف ما حصل بأنها تصرفات غير حكيمة وغير لائقة.
وذهبت تحليلات المراقبين الى توقّع الأسوأ وتحديداً في ما يخص تفاهم “مار مخايل”، وما يجر ذلك من تداعيات على الاستحقاق الرئاسي الذي يتطلب تحالفات عميقة ليستطيع الخروج من قمقمه.
قد يجد الحلفاء في هذا الطرف او ذاك غداً مصلحة في الإبقاء على توثيق عرى تقاربهم من بعض أو نسج تقاربات طارئة قد تنسف ما هو قائم لتصل الى حدود ما حصل عشية انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في العام 2016 . ولكن المشكلة العميقة التي تحتاج الى بلورة هي أن تلك التشرذمات والمقاربات تحصل بين ليلة وضحاها وقد تتوسع او تتقلص، فيما المواطنين اللبنانيين يتقلبون على جمر الأزمات وكأنهم متروكين لقدرهم المرتبط بسعر دولار متفلت بدون سقف، وبتجار وسماسرة أقاموا معابد للعملة الخضراء يؤدون “طقوسهم” فيها صبحاً ومساء فقط لاغير.
Related Posts