المونديال الرئاسي.. لتسوية تُطلق مباريات خروج المغلوب!… غسان ريفي

تشبه جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، المباريات الأولى لمونديال كرة القدم التي عادة ما تُخلط فيها الأوراق بانتظار التأهل الى الأدوار المتقدمة التي تستطيع حسم المنافسات بين مرشحيّن أو أكثر تمهيدا لحسم اللقب بفائز واحد يرفع كأس البطولة.

اللافت، أن الجلسات السبع الماضية جاءت بنتائج باهتة لا تعكس أهمية الاستحقاق الرئاسي، ولا تظهر المرشحين الحقيقيين له، ويبدو أن الجلسة الثامنة لن تخرج عن هذا الاطار، ما يجعل الجميع يتلهون بالجلسات التمهيدية التي تعتمد على النقاط، الى أن يحين أوان التسوية التي تعطي الضوء الأخضر لانطلاق مباريات خروج المغلوب.

لم يعد خافيا على أحد أن كل الكتل النيابية تلعب في الوقت الضائع بانتظار كلمة السر الاقليمية ـ الدولية والتي لم تنضج بعد، فلا أحد قادرا على تأمين نصاب الـ 86 نائبا، ولا أحد يستطيع إنتخاب رئيس للجمهورية بمفرده، ولا أحد يستطيع تأمين الفوز لمرشحة سواء المعلن أو المستتر، ما أدى الى وصول الجميع الى طريق مسدود، لن يُفتح إلا بتبدل مواقف بعض الكتل التي تنتظر إشارة خارجية ما تزال بعيدة.

لا يوجد شيء في المنطقة يبشر بالخير أو يؤشر لقرب نضوج التسوية الرئاسية في لبنان، بل على العكس فإن المنطقة التي عاشت خلال الصيف الفائت فترة من البرودة السياسية لم يصر الى إستغلالها لانجاز الاستحقاق الرئاسي، عادت اليوم لتشهد سخونة واضحة لن يكون لبنان بمنأى عنها، سواء على صعيد التطورات الاسرائيلية وتهديدات نتنياهو والعدوان المستمر على سوريا، والتوتر المستجد بين فرنسا وإيران على خلفية الاحتجاجات الجارية في المدن الايرانية، وإرتفاع وتيرة الاتهامات بين السعودية وايران على الخلفية ذاتها، فضلا عن إنتظار فرنسا التفويض الأميركي الكامل لها بشأن الاستحقاق الرئاسي في لبنان والمرتقب في زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون الى الرئيس جو بايدن اليوم الثلاثاء حيث من المفترض أن يكون لبنان حاضرا بقوة على طاولة المباحثات.

أمام هذا الواقع، يبدو الاستحقاق الرئاسي مؤجلا لعدم نضوج المواقف الاقليمية والدولية، خصوصا أن موقف السعودية ملتبس حتى الآن، فالمملكة تحتفي برئيس تيار المردة سليمان فرنجية في منتدى الطائف، فيما المقربين منها يصوتون للنائب ميشال معوض، علما أن دعمها لمعوض كان يجب أن يترجم بأكثر من 44 صوتا وهو سقف ما حصل عليه خلال الجلسات السبع الماضية.

كذلك، فإن الموقف الأميركي غير واضح وهو يكتفي بالدعوة لانجاز هذا الاستحقاق، والقيام بالاصلاحات المطلوبة وإنتظام عمل المؤسسات من أجل توفير المساعدات والاستقرار والأمن للبنان، من دون أن يقوم بأية خطوات عملانية على هذا الصعيد.

في حين أن فرنسا متحمسة جدا لانتخاب رئيس للجمهورية، إنطلاقا من رفضها المطلق لمنطق الشغور الرئاسي في لبنان، لكن اليد الواحدة لا تصفق، حيث يقدم الرئيس ماكرون نفسه كمرجعية أساسية في الملف اللبناني سواء بدعوة المجتمع الدولي والجهات المانحة الى تقديم الدعم للبنان، أو لجهة تحويل باريس الى مركز أساسي للمشاورات القائمة حوله، والى محطة لكل المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، وهو سيعزز مرجعيته بزيارته لبنان نهاية العام الحالي وهي الزيارة الثالثة لماكرون في غضون عامين.

أما إيران، فيبدو أن موقفها مؤجل الى حين إنتهاء الاحتجاجات التي تشهدها مدنها، والتي قد تنعكس تطوراتها تشددا أو تساهلا في الملف اللبناني.

تشير المعطيات الى أن الأزمة القائمة يُفترض أن تأخذ مداها ويحرص المعنيون أن يكون مداها باردا حفاظا على الاستقرار الداخلي، علما أن الغموض الحاصل وعدم الوضوح في أكثرية المواقف، لا يمنع حصر التنافس بين شخصيتين قد لا يكون لهما ثالث، هما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal