كتب المحرر السياسي
ليس مستغربا ان يتعرض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لهجمة شرسة معروفة المصادر والاهداف، خصوصا بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون وتسلم حكومته صلاحيات رئاسة الجمهورية وفقا للدستور وبناء لتوصية مجلس النواب الذي ألزم حكومة ميقاتي بادارة البلاد وتصريف الاعمال خلال فترة الشغور الرئاسي.
لا شك في أن المتضررين اليوم من الرئيس ميقاتي يُسخّرون كل ما لديهم من إمكانات ووسائل إعلام وتواصل من اجل استهدافه والافتراء عليه خصوصا بعدما هالهم ثباته وصموده في وجه الضغوط، وحرصه على المصلحة الوطنية، ورفضه تمرير ملفات عدة بدءا من مشروع التجنيس وغيره، وصولا الى رفضه تحويل الحكومة امتدادا للعهد العوني حيث كان البعض يعتبر ان التسوية معه ممكنة على حساب المسلمات والثوابت والبلاد والعباد، لكنه عاند ولم يتزحزح عن مواقفه التي كانت تحاكي تطلعات اللبنانيين في الانتهاء من العهد من دون اي تمديد مقنّع او حكم بالواسطة او فرض نفوذ على السلطة السياسية والادارة المحلية.
ومما زاد الطين بلة لدى هؤلاء، هو الحضور الوازن الذي حققه ميقاتي للبنان في اجتماع القمة العربية في الجزائر التي اثمرت لقاءاته على هامشها لا سيما مع الرئيس عبدالفتاح السيسي عن مساعدة مصرية فورية وصلت الى لبنان للمساهمة في مكافحة وباء الكوليرا، فضلا عن الاجتماعات المثمرة التي عقدها في قمة المناخ في شرم الشيخ حيث إلتقى مع رؤساء دول وحكومات ومسؤولين في البنك الدولي والمؤسسات المانحة بهدف تأمين اكبر مروحة من الدعم للبنان لمساعدته في الخروج من أزماته.
لذلك، فإن الهجمة التي يشنها المتضررون لن تتوقف هنا بل هي مرشحة للتصاعد، مع محاولة البعض الاصطياد بالماء العكر بهدف الاساءة الى الرئيس ميقاتي وتعطيل مسيرته في قيادة هذا الشغور القاتل للوصول الى الفوضى، وهو يحتاج اليوم الى تضافر كل الجهود لمواجهته وليس لوضع العصي في الدواليب او في العمل على تقييد اي إجراء من شأنه ان يصب في مصلحة اللبنانيين، علما ان ميقاتي سبق واعلن بأنه لن يستفز احدا وسيلتزم بنود الدستور وسيعمل بوحي منه، في حين ان البعض يضرب الدستور عرض الحائط ويسعى فقط الى التعطيل انطلاقا من تصفية حسابات سياسية وشخصية مع رئيس الحكومة الذي رفض تقديم تنازلات او هدايا وزارية لأي كان.
من الواضح ان من اراد النيل من الرئيس ميقاتي على خلفية قمة المناخ والاجتماعات التي شارك فيها قد ضل الطريق، فرئيس الحكومة الذي حمل قضية فلسطين في كلمته أمام الامانة العامة للأمم المتحدة، والذي لم يتهاون يوما في قضية العداء لاسرائيل ورفض التطبيع قولا وفعلا، لم يفرط يوما بالثوابت العربية، ولم يقدم تنازلات وطنية او قومية للعدو او لغيره.
أما ملف تنظيم شؤون الافتاء العلوي فهو صدر للمرة الاولى في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وفي ظل حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسار ضمن مساره القانوني تحت اشراف مجلس شورى الدولة الذي اعطى على مدار سنوات سلسلة ملاحظات عمل المجلس الاسلامي العلوي على الاخذ بها ما اعطى هذا الملف الشرعية الدستورية، لانصاف مكون من مكونات لبنان، في بلد كل طائفة فيه تدافع عن دورها وعن مصالحها وشؤونها الدينية، فماذا يضير المعارضون في ان يصار الى تنظيم شؤون الطائفة العلوية؟ وهل الامر يعود الى عدد المستفيدين من هذا التنظيم سواء في بيروت او في طرابلس او في عكار؟ واذا كان الامر في التعداد فإن ذلك يتجاوز الطائفة العلوية الى طوائف اخرى حيث الفوارق باتت كبيرة جدا، لكن الامور في لبنان ما تزال تسير وفقا لاتفاق الطائف باعتماد المناصفة وبناء لتوصية الرئيس الشهيد رفيق الحريري “بأننا أوقفنا العد” حرصا على الوحدة الوطنية.
من هنا، فإن الرئيس ميقاتي يقوم بالواجبات التي حددها له الدستور، وهو ما يزال يحرص على التواصل مع جميع المكونات اللبنانية وعلى عدم الدخول في أي تحد او استفزاز، انطلاقا من همّه الوحيد في جمع اللبنانيين على موقف وطني موحد يمهد لانجاز الاستحقاق الدستوري الاهم المتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة تؤمن انتظام الحياة السياسية للبدء بمسيرة الانقاذ التي يصر البعض على تعطيلها تارة باستهداف الرئيس ميقاتي وتارة أخرى بتعطيل حكومته، بينما الاجدى لهؤلاء ان يهتموا بأوضاعهم التنظيمية وبترتيب بيتهم الداخلي الذي يبدو انه لا يبشر بالخير..
Related Posts