منذ أن حصل لبنان على استقلاله في العام 1943 من الدولة الفرنسية المستعمرة وأهله يتساءلون: لماذا نحن في منطقة معظم اشقائنا العرب فيها ينعمون بثروات طبيعية قلّ مثيلها، فيما نحن نستجدي المساعدات والمعونات. ولكن منذ بضع سنوات بدأت وتيرة الحديث تتصاعد عن أن لبنان يملك ثروات طبيعية (نفطية وغازية) في مياهه الاقليمية ستضعه على خارطة الدول المنتجة وتفتح أمامه آفاقاً كانت بمثابة الحلم لإبنائه.
بعد الأزمات العاصفة التي طرأت على لبنان من مالية واقتصادية ومعيشية منذ ثلاث سنوات وأوصلته الى أبواب الجحيم، والتي يتحمل المسؤولون فيها قسطاً وافراً من تداعياتها، لا بل القسط الأكبر، فرمل المواطنون احلامهم الوردية طالما أن الطبقة السياسية الحاكمة هي نفسها ما تزال تمسك بزمام الأمور. الى جانب ذلك بات واضحاً ان اركان السلطة في لبنان مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالغرب وتحديداً بالولايات المتحدة الأميركية التي تتحكم بمفاصل الحركة المالية والثروات في العالم بشكل لا “فكاك منه”.
فالعلاقة بين النفط والدولار توثقت منذ أربعينيات القرن الماضي بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بتوجه أميركي للسيطرة على الطاقة في العالم، باعتبارها القوة العظمى التي استخدمت السلاح النووي لأول مرة في التاريخ ضد مدن يابانية.
وأضيف الى ذلك توثيق العلاقة بين أسعار الذهب والنفط والدولار حتى باتت تشبه اللعب بين القط والفأر. فيما العالم بأجمعه بات خاضعاً لهذه المعادلة. حيث أن الدول التي ترضى عنها واشنطن تغدو من الأغنياء الذين يتمتعون بثرواتهم، وأكبر مثال على ذلك دول الخليج العربي التي تحولت من الصحارى الى الواحات الغنّاء. فيما الذين يخرجون عن الطاعة يتحولون إلى فقراء يستجدون اللقمة والأمثلة كثيرة وأبرزها فنزويلا، العراق، ليبيا ونيجيريا.. واللائحة تطول بالرغم من أن أراضيها تضم ثروات هائلة!
العالم بأسره تابع منذ بضعة اسابيع كيف اضطرب “العم سام” من الاجراءات التي اتخذتها مجموعة “أوبك بلاس” لتحجيم الانتاج النفطي والتي اعتبرها أنها موجهة ضده.
ولم تلعب الصدفة دورهاً مطلقاً بأن تعلن شركة “نوفاتك” الروسية مؤخراً الخروج من الكونسرتيوم النفطي الذي تشكل منذ سنتين للتنقيب عن الطاقة (نفط وغاز) في المياه الاقليمية اللبنانية، بالرغم من أنها قد استأجرت خزانات في منشآت مصفاة نفط طرابلس ولم “تضرب فيها ضربة واحدة” كما يقال. في حين بقيت شركتا توتال الفرنسية وإني الايطالية تنتظران “الرضى الأميركي” لاستكمال المهمة.
لذلك لا يجب ان يعتقد أحد في الربوع اللبنانية ان “بلد الأرز” سيستطيع الخروج من أزماته المالية والاقتصادية والحياتية والمعيشية غداً أو بعد سنوات حتى، إذا لم ينل “البركة الأميركية” المرتبطة حتماً بالمسار السياسي الذي يتضمن انتخابات رئاسية وحكومة مكتملة المواصفات قد يطلب منها تأدية فروض الطاعة عند أقدام البيت الأبيض ليس الاّ.. والاّ فليتذكر اللبنانيون كيف انهم ينتظرون منذ مطلع هذا العام الحلحلة الأميركية في موضوع الكهرباء وحتى الساعة ما زالوا يعيشون على الوعود العرقوبية!
Related Posts