القراءة الواقعية لما حصل في لبنان خلال السنوات الاخيرة يظهر بوضوح البعد الحقيقي لأزمتنا الوطنية المتمثلة في ما نصّت عليه صفقة القرن: نفط وغاز، دمج وتوطين.
بعد ان سقطت الدولة، وانهار الاقتصاد وغرق الناس في الفقر والجوع، وبعد الاذلال على ابواب المدارس والصيدليات والمستشفيات، وشارف الوطن على الضياع، وما عاد لبنان قادرا ً على الرفض بسبب فقدانه مجمل عناصر القوة .
وبعد ان وقعت الحرب في اوكرانيا وانقطع الغاز عن اوروبا التي اصبحت بحاجة ماسة الى غاز شرق المتوسط،
حمل الوسيط ( وهو طرف لا وسيط ) الاميركي هوكشتاين مشروع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
قضى هذا المشروع، للاسف، في تخلي لبنان عن الخط 29، وهو خط الحدود العلمي وفقا ً لقانون البحار والقوانين الدولية والاتفاقات الحدودية الموقعة سابقا ً بين لبنان ودولة فلسطين كما بين لبنان ودولة اسرائيل بعد اغتصابها لفلسطين،
وافق لبنان على المشروع الذي نص على ان الخط 23 هو الحد الفاصل بينه وبين اسرائيل، وعلى هذا الاساس ترسمت وتحددت منطقته الاقتصادية الخالصة التي تضمّ البلوكات النفطية والغازية رقم 8 و 9 التي تختزن كميات هائلة من الغاز تقدر قيمتها بمئات مليارات الدولارات .
والسؤال المطروح حاليا ً هو : ما الفائدة المرجوة والممكنة من هذا الترسيم؟
اولا ً : السماح للبنان باستخراج النفط والغاز من جميع بلوكاته .
ثانيا ً : تعهد شركة ” توتال ” ، وهي احدى اهم شركات التنقيب، بتغطية الدين العام وايفائه تدرجا ً وتخصيص البلوك رقم 8 وحقل قانا لهذا الغرض .
ثالثا ً : البدء الفوري بالتنقيب والاستخراج في البلوك رقم 4 الذي تقدر قيمة غازه بما لا يقل عن الاربعماية مليار دولار .
رابعا ً : رفع الحصار الاميركي والخليجي ، السياسي والاقتصادي، عن لبنان .
خامسا ً : الزام المصارف اللبنانية واعضاء المنظومة السياسية المصرفية باعادة الاموال المقدرة بـ /62/ مليار دولار ، والتي اخرجت من لبنان الى المصارف الاوروبية الى الداخل اللبناني تحت طائلة فتح ملفات اعضاء هذه المنظومة عملا ً بالقوانين الاوروبية المعنية بتبييض الاموال ومكافحة الفساد المالي .
وعليه،
لا شك في ان رفع الحظر عن لبنان والسماح له باستخراج نفطه وغازه هو انجاز مهم يعطي الشعب اللبناني والاجيال الحالية والمستقبلية الامل بقيامة لبنان واستعادة موقعه ودوره ورسالته في التفاعل الثقافي والديني والحضاري. وهذا الامل هو ما يعوّضنا خسارة الخط 29،
ويبقى المستقبل من الايام الشاهد والحكم ان كانت اتفاقية الترسيم هي لمصلحة لبنان ام لا.
الكاتب: المحامي حنا البيطار
المصدر: سفير الشمال
Related Posts