طويت مرحلة العهد، ورحل ميشال عون عن قصر بعبدا مخلفاً وراءه تركة من الأزمات السياسية والدستورية والاقتصادية، فبدأت مرحلة جديدة عنوانها الفراغ المفتوح.
أما مفتاح حل الأزمات يكمن في إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتوالي إتمام الاستحقاقات، كتكليف رئيسٍ للحكومة وتشكيلها، وبدء البحث جدياً في كيفية نهوض البلاد من الأزمات التي وقعت بها، وإن تدريجياً. لكن الاستحقاق الأول يبدو بعيداً، وذلك مع غياب التوافق على اسم رئيس جديد، والانقسام العمودي الحاصل في البلاد لجهة اختلاف وجهات النظر.
القيادي توفيق سلطان يعلّق على تطورات الساعة، مشيراً إلى أن “حزب الله” يعلم حجم التيار الوطني الحر وميشال عون، وبالتالي لن يستغني عنهما، لكنّه في الوقت نفسه، يؤكّد على أن العلاقة مع الرئيس نبيه برّي في سلّم الأولويات، وهذا برز في تصريحات الأمين العام للحزب حسن نصرالله في الأونة الأخيرة، وذلك يخلق إشكالية لباسيل الذي يواظب على مهاجمة رئيس المجلس النيابي.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يلفت سلطان إلى أن “الحزب يعلم أنّه ليس بمقدوره انتخاب رئيس لوحده، كما يعلم أن الحوار ضروري لإنجاز هذا الاستحقاق، وبالتالي فتح القنوات معه واجب كما مع باقي الأطراف، وغير ذلك لا يُمكن انتخاب رئيس جديد، كما أن فكرة رئيس التحدّي ليست واردة ولا بأي شكل من الأشكال”.
ولا شك أن للظروف الإقليمية والدولية دور أساسي في إنجاز الانتخابات الرئاسية، لأن لبنان ليس معزولاً عن محيطه، لا بل أن التأثير الخارجي على الداخل قد يكون من الأقوى في لبنان، وذلك نسبةً لوجود “حزب الله” من جهة، وموقع لبنان الجغرافي من جهة أخرى، ومن المعلوم أن ملفاً بحجم رئاسة الجمهورية لا يتم بإدارة داخلية فحسب.
انطلاقاً من هذه النقطة، يعتبر سلطان أن “للظروف الخارجية دور تقوم به دون ضرورة الاتصال المباشر”، وفي هذا السياق، يذكّر بأن “انجاز اتفاق الترسيم كان نتيجة العوامل الإقليمية والدولية التي استجدّت بعد الحرب الأوكرانية، علماً أن العمل على الملف عمره أكثر من 10 سنوات، لكنّه خُتم في لحظة دولية معيّنة”.
وفي ظل التصعيد العوني الدائم، رأى سلطان أن الهدف من الفوضى الدستورية والسياسية التي يثيرها العونيون هي إيصال جبران باسيل إلى سدّة الرئاسة، وعلماً أن لا حظوظ له لتبوّء الموقع، إلّا أن برأيهم لا شيء مستحيل، وقد يراهنوا على المتغيّرات الدولية في هذا الشأن، وهم فعلوا ذلك بملف ترسيم الحدود، حينما حاولوا ابتزاز الأميركيين والمماطلة بهدف رفع العقوبات عن باسيل.
ويؤكّد سلطان أن “باسيل لا يتمتع بفرص للوصول إلى رئاسة الجمهورية لا داخلياً ولا خارجياً، لأن الجميع تعلّم من خطأ ميشال عون، وها هو لبنان يواجه تبعات انتخابه رئيساً، مع ضرورة التشديد على أن ممارسات عون وباسيل وتيارهما هي نهج يعتمده هذا الفريق، ولا يُمكن تغييره”.
المصدر: الأنباء
Related Posts