غريب فعلاً أمر بعض الزعماء الموارنة الذين يهدرون عمرهم السياسي في أمرين لا ثالث لهما، الأول هو التصويب على الوصول إلى قصر بعبدا باستحقاق أو بدونه، والثاني تبادل التهشيم بما هو صواب وبما هو تجنٍ. حتى باتوا “مضحكة” لا بل “سخرية” لدى بقية الطوائف والمذاهب التي لا تقل تشبثاً بالمراكز التي آلت إليها من هذه الدولة التي تحولت من بقرة حلوب وقالب جبنة إلى هيكل عظمي لا تقوى على منح أبنائها ابسط حقوقهم ليستمروا في القيام بواجباتهم تجاهها.
فهل ذلك في الجينات أم في الحليب الذي يقتاتون به لدى ولادتهم؟ أم هو في ما يتلقونه ويمارسونه خلال نشأتهم التي تقوم على الثأر والغاء الآخرين الى ما هنالك من مفردات عدائية؟
منتصف الأسبوع الماضي، (وربما على خلفية ان الطائفتين المارونية والدرزية كانتا في اساس التركيبة اللبنانية في جبل لبنان)، توقف المراقبون عند الكلام الذي أطلقه رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب (الدرزي الطائفة) من على باب بكركي وبعد لقاء مع البطريرك الماروني بشارة الراعي إزاء مسؤولية القادة الموارنة في عدم التوصل الى تفاهم حول الاستحقاق الرئاسي. وقال: “نحن أمام مفترق تاريخي وأي اتفاق جديد (غير الطائف) سيؤدي الى خسارة الموارنة”.
وبعد ان سمّاهم بالأسم وهم: رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه ورئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل رأى مختلف المراقبين أن كلام وهاب وضع الأصبع على الجرح الماروني لأن كلامه قيل علناً وعبر وسائل الإعلام _ربما للمرة الأولى – في حين أنه كان يتردد منذ سنوات في الكواليس والصالونات المغلقة.
وبعد هذا التوصيف تردّد في المعلومات الصحفية “ان البطريرك الراعي بصدد تشكيل لجنة، كمرحلة اولى من النائبين ابراهيم كنعان (تيار وطني حر) وملحم رياشي (قوات لبنانية) للقيام بجولة على القيادات المسيحية تشمل فرنجية و جعجع وباسيل وامين الجميل لوضعهم امام مسؤولياتهم في الملف الرئاسي ومعرفة ماذا يريدون؟ في ظل استحالة جمع القادة الموارنة حاليا. كما نُقل عن الراعي رفضه تشكيل حكومة جديدة على ان تكون الاولوية للانتخابات الرئاسية قبل أي ملف اخر”.
الثابت أن القادة الموارنة (ليس الحاليين فقط) بارعون في توجيه الاتهامات الى بعضهم البعض (باستثناء مرحلة قيام “الجبهة اللبنانية” إبان حرب السنتين في منتصف سبعينات القرن الماضي والتي ضمت رئيسي الجمهورية سليمان فرنجيه وكميل شمعون ومؤسس حزب الكتائب بيار الجميل وآخرين)، واستنباط الاتهامات بالعمالة أو بالانتماء الى هذه الجهة الخارجية أو تلك، ولذلك تراجع تأثيرهم في تركيبة السلطة في لبنان بشكل محوري، قياساً على ما رسمه الاستعمار الفرنسي عند منحه الاستقلال في العام 1943.
فهل سيتعظون … أم أنهم سيرفعون دائماً لواء “أنا ومن بعدي الطوفان”، وعندها لن يستطيع احد منهم ان يقف على رجليه في وجه أي طوفان؟..
Related Posts
