كما كان متوقعاً، لم تكن الجلسة الثالثة لمجلس النوّاب بهدف انتخاب رئيس جديد للجمهورية “ثابتة”، ولم يخرج الدّخان الأبيض من ساحة النجمة وسط العاصمة، وهو توقّع لا يُنتظر أن يتغيّر في الجلسة المقبلة، وهي الرابعة، التي ضرب رئيس المجلس نبيه برّي موعداً لها يوم الإثنين المقبل في 24 تشرين الأوّل الجاري، عند السّاعة الـ11 قبل الظهر.
يعود هذا التوقّع إلى أجواء تسود مختلف الأوساط السّياسية تفيد أنّ غياب التوافق بين فريقي السّلطة والمعارضة، وداخل كلّ فريق أيضاً، هو المُعطّل الرئيسي لانتخاب رئيس جديد خلفاً للرئيس ميشال عون، برغم أنّه لم يبقَ على انتهاء ولايته إلّا عشرة أيّام فقط، في موازاة عدم وجود توافق إقليمي ودولي حول إسم الرئيس المقبل، نظراً لأنّ التوافق الخارجي كان دوره حاسماً دائماً في كلّ الإستحقاقات الرئاسية السّابقة، لكنّ تقدّم ملفات أخرى أكثر أهمية من ملف لبنان جعله في مرتبة متأخّرة من إهتمامات القوى الخارجية المعنية، والمتصارعة في ما بينها حول ملفات عدّة، وتأخّر بالتالي إنجاز أيّ تفاهم ينقذ لبنان من مخاطر الفراغ الذي تهدّده.
ويبدو أنّ الكلّ يتعاطى مع الفراغ المقبل وكأّنّه أمر واقع، ما جعل جلسات مجلس النواب تظهر وكأنها جلسات لتقطيع الوقت وليس إنتخاب رئيس، برغم إبداء الجميع مخاوفهم من الفراغ في كرسي الرئاسة الأولى، ومع أنّ المجلس النيابي دخل إبتداءً من اليوم مرحلة الأيّام العشرة التي تسبق إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، التي يتحول فيها مجلس النوّاب حسب الدستور إلى “هيئة ناخبة”، لا دور لها وليس المطلوب منها إلّا انتخاب رئيس للجمهورية قبل أيّ عمل آخر.
في الشكل شهدت جلسة مجلس النوّاب أمس تبدّلاً طفيفاً في توزّع الأصوات، إذ انخفض عدد الأوراق البيضاء من 63 في الجلسة الأولى التي عقدت في 29 أيلول الماضي إلى 55 ورقة، وارتفع عدد الأصوات التي نالها النائب ميشال معوض من 36 إلى 42، كذلك ارتفع عدد النوّاب الذي صوتوا لـ”لبنان الجديد” من 10 إلى 17 وصوت واحد حصل عليهم ميلاد أبو ملهب، و4 اصوات ملغاة، في جلسة غاب عنها 9 نواب كان يمكن لوجودهم أن يُغيّر قليلاً في المشهد من حيث الشّكل.
لكن مضمون جلسة أمس كشف أنّ فريق السّلطة ما يزال في مرحلة نقاش حول التوافق على إسم مرشحه، وهو توافق ما يزال مستبعداً حتى الآن، وهو ما كشفه رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل حول رفضه ـ حتى الآن ـ تبنّي ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، في موازاة عدم قدرة فريق المعارضة المنقسم فرقاء عدّة، على توحيد صفوفهم خلف معوض، وهو ما أشارت إليه بوضوح النائب بولا يعقوبيان أمس، عندما لفتت إلى أنّ “من طرحه يعلم أنّه لا يمكنه تحصيل 86 صوتاً، وأنّ الكلّ له مصلحة في الفراغ لتحسين وضعه”.
Related Posts