لماذا ثار اللبنانيون في 17 تشرين؟!… غسان ريفي

في موضع التندر المنطقي، فأن ثمة من يسأل، قبل 17 تشرين الاول من العام 2019, كان سعر صفيحة البنزين 24 الف ليرة، وربطة الخبر ألف ليرة، وكيلو اللحمة 17 ألفا، والانترنت المفتوح 30 الفا، وجرة الغاز 21 ألفا، وصفيحة المازوت 16 ألفا، فلماذا قمنا بالثورة؟ ومن الذي دفعنا اليها؟، وما تحقق من شعاراتها؟..

وهل زيادة ستة سنتات وفق دولار 1500 ليرة على تطبيق واتساب كانت تحتاج كل هذه التحركات؟ أم أن ثورة 17 تشرين كانت مؤامرة العصر على اللبنانيين لقيادتهم الى الدرك الاسفل من قهر جهنم على كل الصعد المالية والاقتصادية والحياتية والاجتماعية والصحية، وان زلزالا من هذا النواع كان يحتاج الى ثورة كالتي حصلت ذات تشرين؟..

أقفلت الثورة وتحركات المواطنين في الشوارع المصارف لمدة 25 يوما وهي مدة لم تلجأ اليها المصارف في عز الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، وفي عناقيد الغضب في 1997 وعدوان تموز 2006, لكن يبدو ان هذه المدة كانت مطلوبة لتهريب الاموال ووضع هندسات مالية جديدة تقوم على مصادرة أموال المودعين، فيما كانت جموع الناس منشغلة بالساحات والأهازيج وقطع الطرقات وبرفع الشعارات، لا سيما شعار “كلن يعني كان” الذي كان فارغا من أي مضمون، ولم تتم ترجمته في الانتخابات النيابية الاخيرة التي عاد فيها ممثلو الطبقة السياسية بكاملهم، باستثناء 13 نائبا اطلقوا على انفسهم صفة التغبيريين وهم حتى الآن لم يُقنعوا احدا.

لا احد يعلم حتى الآن، هل ان مئات الالاف من المواطنين الذين ملأوا الساحات والشوارع في كل المناطق، ضحكوا على انفسهم، ام ان هناك من ضحك عليهم؟، وهل كانت الست سنتات سببا حقيقيا للتحرك ام انها مجرد ذريعة؟ وهل الشعارات التي رفعت كانت واقعية؟ واذا كانت كذلك فلماذا لم تترجم في الانتخابات النيابية الاخيرة، خصوصا ان عشرين بالمئة من الذين اتخذوا من الشارع مأوى له على مدار اشهر لو ترجموا شعاراتهم في الانتخابات لغيروا وجه لبنان السياسي، لكن تمخضت الثورة فولدت 13 نائبا باتجاهات مختلفة او بالاصح من كل واد عصا، لا شيء يجمع بينهم، اكثرهم صعد على اكتاف السياسيين وكان جزءا من منظومتهم قبل ان ينقلب عليها، وبعضهم ودائع سياسية، وبعضهم الآخر ادوات تعطيل، في حين ان غياب الانسجام فيما بينهم واضحا ويجعل مواقفهم متناقضة مما يسهل عملية اختراقهم. 

لقد فشلت ثورة 17 تشرين في كل ما جاءت به، ولم يستطع اهلها حمايتها فركبها كل من هبّ ودبّ من رجالات السياسة وتياراتهم، ومن ثار واقام الارض واقعدها على ست سنتات كان يفترض فيه ان ينتفض على دولار بلغ الاربعين وعلى مآس اقتصادية، اجتماعية وانسانية يصعب سرد تفاصيلها، لكن ذلك لم يحصل بل إن الشعب الثائر اليوم مخدر ويستكين تحت شفرة الجزار الذي يريد ذبحه، ما يؤكد القول المأثور ان “الثورات تخطط لها الاجهزة وينفذها السذج ويقطف ثمارها الانتهازيون!.”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal